ومن الأمور التي تسبب انحرافات في التعامل: النظر إلى الآخرين بعين الازدراء والنقص، لقد تقدم شيءٌ من هذا لكنه في الحقيقة راجع إلى عجب في النفس، وهذا العجب هو الذي يدفع الشخص إلى احتقار الآخرين وعدم إنزال الناس منازلهم، وعدم توقير الكبير، وربما يكون غروراً: فهذا طبيب جاءه رجلان شاب وشايب في العيادة، جلس الشاب واضعاً رجلاً على رجل، والطبيب يقول: من المريض؟ فهذا الشاب يشير ويقول: عندك انظر إلى هذا الشايب.
ثم إنه لا يساعد أباه في الجلوس على سرير الطبيب، ويترك ذلك للممرضة أو للطبيب وهو جالس متضجر من جلوسه، ويحس بشيء من الكره لهذا الشايب؛ لأنه حرمه من مرافقة أصحابه، وأرغمه أن يأتي به إلى المستشفى، بل ربما لا يذهب به أصلاً ويقول للسائق: اذهب أنت بأبي إلى المستشفى، هذا من القطيعة الموجودة، وربما لا يدري أن أباه مريض أصلاً؛ لأنه لا يوجد هناك ترابط فهذا يدخل إلى الدور السفلي، وهذا يصعد إلى الدور العلوي، هذا يدخل من باب وهذا يدخل من باب آخر، هذا يتغدى في المجلس وهذا يتغدى في الغرفة الداخلية، لا توجد صلات حتى في العائلة الواحدة ولا يعلم بعضهم بأحوال بعض، لقد وصلنا إلى هذه الدرجة، وسبب ذلك ضعف صلة الرحم، وضعف بر الوالدين، وضعف الاهتمام بالمسلمين، وأحياناً يكون فيها شيء من الكبر والترفع، وهو سيئول في النهاية إلى ما آل إليه هذا الشيخ الكبير في السن.