[موقف السلف من إطلاق النظر]
يا عباد الله: لا تجتمع الصور المحرمة والفراسة الصادقة في قلب عبد مسلم، ولذلك لابد أن نحذر من هذه الأمور وأن نغض البصر في الطائرات والمطارات والفنادق والأسواق والمستشفيات والمنتزهات والمجمعات السكنية والعمارات والشواطئ ومدارس البنات والبيوت المختلطة وأسوار البيوت والشبابيك المطلة والصور والمجلات والأفلام والمسلسلات وحتى عند الكعبة في الحج والعمرة في أشرف مكان وأقدسه لابد من غض البصر وحتى الأقارب، وكثير من الناس من يبتلى بالنظر إلى وجوه بعض الأقارب من غير المحارم فيفتن أيضاً لابد من حفظ البصر، وكثير من وقع في الحرام بسبب ذلك، ولنتذكر حال سلفنا الصالح رحمهم الله.
جاء الربيع بن خثيم إلى علقمة فوجد الباب مغلقاً فجلس في المسجد، فمرت نسوة فغمض عينيه، ليس الواجب تغميض العينين إنما الواجب غض البصر، لكن الربيع فعل ذلك احتياطاً رحمه الله.
وعن سفيان قال: كان الربيع بن خثيم يغض بصره فمر به نسوة فأطرق وغمض عينية حتى ظن النسوة أنه أعمى فجعلن يتعوذن بالله من العمى ويحمدن الله على البصر.
وخرج حسان رحمه الله إلى صلاة العيد فقيل له لما رجع: يا أبا عبد الله! ما رأينا عيداً أكثر نساءً منه، قال: ما وقع بصري على امرأة ولا نظرت على امرأة، فجعل يتعجب من كلامهم.
وقال سفيان الثوري لما خرج من صلاة العيد: أول ما نبدأ به في يومنا هذا غض أبصارنا.
غض البصر عن صورة جميلة محرمة؛ فإن الشخص قد يفتن بصورة امرأة أو أمرد جميل، ولذلك لما رأى بعضهم إنساناً يقرئ غلاماً جميلاً وهو يضحك إليه فقام إليه وجلس إلى جنبه فقال: يا أخي! أما سمعت الله تعالى يقول: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنْ الْحَقِّ} [الحديد:١٦]؟ قال: بلى، قال: أفما سمعته تعالى ذكره يحذر من فعل قوم اغتروا بحلمه وأنسوا إلى كرمه، فقال: {وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمْ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦]؟ قال: بلى، قال: فما بالك لا تخشاه عند قوله تعالى ولا ترجع عند تحذيره وما نزل في كتابه؟! إني رأيتك مغرقاً في الضحك إلى هذا الذي يقرأ عليك كأنك لا تُسأل عن ضحكك ولا توقف على فعلك، وبالله الذي لا يحلف المؤمنون إلا به لئن أخذك على ريب يكرهه ليجعلنك عبرة للعاقل ومذمة للجاهل فنكس الرجل رأسه وأقبل يبكي وقام وتركه.
وهكذا ينبغي الحذر من أي صورة جميلة ومن أي شخص يفتن به فإن العاقبة شنيعة، ولابد أن يكون العاقل وقافاً عند حدود الله مفكراً في العاقبة في الدنيا والأخرى.
هذا الإجراء البسيط -غض البصر- سببٌ في السلامة العظيمة، وما أكثر الحاجة إلى مثل هذا في هذا الزمان! نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، وأن يجنبنا مضلات الفتن ما ظهر منها وما بطن.
اللهم جنبنا الهوى، اللهم جنبنا النظر الحرام، اللهم جنبنا المعاصي، اللهم جنبنا الفتن يا رب العالمين.
اللهم ارزقنا العفة والعفاف إنك أنت السميع البصير.
اللهم انصر إخواننا المجاهدين، اللهم انصر المجاهدين واجمع كلمتهم على الحق يا رب العالمين، اللهم من أراد خدمة دينك والسعي إلى الدعوة في سبيلك فوفقه يا رب العباد، وافتح له قلوب العباد، ونور بصيرته، وأجزل له الأجر الكثير إنك أنت الكريم.
اللهم من أراد دينك بسوء فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه، اللهم من أراد بلدنا هذا أو بلاد المسلمين بسوء فاجعله عبرة للمعتبرين يا رب العالمين.
اللهم وفق من ولي من أمر هذه الأمة شيئاً للعمل بكتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم، اللهم اجعلنا في بلادنا آمنين مطمئنين واغفر لنا ذنوبنا أجمعين، ارحم موتانا، واشف مرضانا، واقض ديوننا، واستر عيوبنا يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.