أيها المسلمون: إن المسلم يخاف الله فيسعى للنكاح إذا خشي على نفسه الحرام، ويجتهد لذلك بكل سبيل وطريقة مبتغياً العفة وتنفيذ ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فليتزوج ولا يُخفي أي من الطرفين ما يجب أخبار الطرف الآخر به من العيوب، والمكر والخديعة في النار.
ولا يُمنع المسلم الخاطب الجاد من حقه في رؤية المخطوبة؛ لأجل عادات جاهلية، وأعراف لم ينزل الله بها من سلطان، وإنما يُعطي المسلم الحق لأهله، ويُمَكن الطرفين من رؤية بعضهما بالحلال، والعجب كل العجب ممن يسمح لابنته أن تخرج سافرة في الأسواق والشوارع وبين الرجال، ويتغاضى عن هذا العمل المحرم، ثم إذا أراد الخاطب رؤيتها بما شرع الله تمنع من ذلك وتشدد فيه.
والمسلم كذلك يفي بشروط النكاح؛ لأن نبيه صلى الله عليه وسلم قال:(المسلمون على شروطهم) وقال: (إن أحق ما وفيتم به من الشروط ما استحللتم به الفروج) والمسلم لا يُغلي مهراً؛ ليرهق الزوج ولا يأخذ من البنت ما تحتاج من الصداق، لأن الله قال:{وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ}[النساء:٤].
وكذلك فإن المسلم يُعاشر زوجته بالمعروف؛ امتثالاً لأمر الله وعاشروهن بالمعروف، فيؤدي حقها في النفقة والسكنى والمبيت وعدم المضارة وعدم الإيذاء فلا يسبها ولا يشتم أهلها، بل يُحسن عشرتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث العطف في نفسه عندما قال له (فإنهن عوانٍ عندكم) أي: أسيرات فإذا كانت أسيرة في بيتك لا يكاد يوجد لها حول ولا قوة.
ولا تخرج إلا بإذنك، فإن من حقها عليك أن تُحسن عشرتها ما دام الشارع قد جعلها تحت سلطانك، هذا الكلام رغم أنف الذين يريدون اليوم أن يصدروا قوانين يزعمون أنها لتحرير المرأة أو لمصلحة المرأة فتسافر بغير إذن زوجها، هكذا يريدون الانحلال، وأن تكون القضية انفلات الأسرة، وأن تخرج المرأة متى ما تريد، وأن تسافر متى ما تريد، وأن تُطلق نفسها متى ما تريد.
ولذلك فإن المسلمين الصادقين تنبعث في نفوسهم المقاومة لهذه التيارات التي تريد اليوم أن تحطم مجتمعات المسلمين باسم تحرير المرأة، وإعطاء المرأة حقوقها، فهم يريدون أن يسنوا القوانين لإعطاء المرأة حقوقها وكأن الله لم يعطها حقوقها، ولم يُنزل قوانين من السماء! فلماذا سنوا القوانين إذا كانت هذه الشريعة موجودة وقوانينها موجودة؟! ألم يكن الأجدر بهم أن يقولوا: هذه الشريعة نحكمها، وهذه قوانين الرب نرجع إليها بدلاً من سن القوانين الجاهلية التي تريد كسر قوامة الرجل على زوجته؟! انتبهوا أيها المسلمون: كسر القوامة ذلك الوتر الذي يريد أن يلعب عليه هؤلاء؛ لأن قوامة الرجل إذا انكسرت عم الفساد وطم وهكذا تتنقل القضية، ولكن بحمد الله يوجد دائماً في الأمة من يقوم لله بالحجة ومن يُنكر ويعترض ويبين، ولذلك فإن مقاومة الفساد والانحلال واجب على المسلمين جميعاً، وإعلان الإنكار لأي محاولة من أولئك العابثين بشرف المسلمين وعفتهم وطهرهم، يجب أن تتوالى هذه المحاولات وهذه الإنكارات لإبقاء مجتمع الإسلام موافقاً لشريعة الله عز وجل، سواء الذي شرعه في العبادات أو في المعاملات بين الزوجين، أو بين المبتاعين وبين غير ذلك من أحوال المجتمع كافة.
عباد الله! إن المسلم لا يكره زوجته إلا لأمر شرعي ولو كرهها لشيء من خُلقها فليصبر؛ لأن الله ندب إلى ذلك فقال:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}[النساء:١٩] وربما رزق منها بولد فجعل الله فيه خيراً كثيراً، كما ذكر ابن عباس رضي الله تعالى عنه، والمسلم يحافظ على زوجته ويصونها في حجابها وخروجها، ولا يسافر بها إلى أماكن المعصية، ولا يُرغمها على رؤية ما حرم الله، ويحفظها من أماكن المنكرات ومن التشبه بالكافرات.