عاش الطبري رحمه الله حياة مباركة إلى أن بلغ ستة وثمانين عاماً في سبيل العلم ونشره، واستوطن في آخر عمره بغداد، وأقام بها والتف حوله الطلاب والعلماء يملي الكتب ويصنف، ويعبد الله حتى أسلم روحه إلى بارئها في السادس والعشرين من شوال عام (٣١٠هـ) في خلافة المقتدر بالله العباسي ودفن بـ بغداد.
قال ابن كثير: ولما توفي اجتمع الناس من سائر أقطار بغداد، وصلوا عليه بداره، ومكث الناس يترددون إلى قبره يصلون عليه، ورؤيت له منامات صالحة، ورثي بمراثٍ وقصائد جميلة.
وقال ابن الأعرابي رحمه الله وهو من أئمة أهل السنة في اللغة:
حدث مفظع وخطب جليلٌ دق عن مثله اصطبار الصبورِ
قام ناعي العلوم أجمع لما قام ناعي محمد بن جريرِ
فهوت أنجمٌ لها زاهراتٌ مؤذنات رسومها بالدثورِ
وتغشى ضياءها النير الإشراق ثوب الدجنة الديجورِ
وغدا روضها الأنيق هشيماً ثم عادت سهولها كالوعورِ
الروض: الزهر صار هشيماً.
يا أبا جعفر مضيت حميداً غير وانٍ في الجد والتشميرِ
بين أجر على اجتهادك موفور وسعي إلى التقى مشكورِ
مستحقاً به الخلود لدى جنة عدنٍ في غبطة وسرورِ
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يغفر له ويرحمه، وأن يعلي درجته ومنزلته، ونسأله سبحانه أن ينفع الأمة بعلمه، وأن يجعلنا ممن شملهم برحمته وفضله، والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.