إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره، وأشهد أن لا إله إلا هو وحده لا شريك له، وأشكره سبحانه وتعالى وأحمده، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد النبي الأمي، البشير النذير، والسراج المنير، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها المسلمون:(الحياء لا يأتي إلا بخير) -هذه العبارة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم لتوضح ماذا ينطوي عليه هذا الخلق، وماذا يتأتى منه، لقد قالها رجل من الصحابة راوياً هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أحد السامعين وهو بشير بن كعب: مكتوب في الحكمة: إن منه وقاراً ومنه سكينة، يقول الرجل: وجدنا في بعض الصحف عن الأديان السابقة، أن منه وقاراً ومنه سكينة، كأنه يقول: من الحياء ما هو وقار، ومنه ما هو ضعف ومهانة وذل، فقال عمران غاضباً: أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن صحفك! أي: تباً لك على هذا الخلق وعلى هذا القول، أقول لك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحياء لا يأتي إلا بخير) وأنت تقول الحياء قسمان، والحياء منه كذا ومنه كذا، لا أحدثك سائر اليوم، حتى تشفع له الناس فرضي بأن يحدثه.
وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يعاتب أخاه في الحياء، يقول:(إنك لتستحي حتى يقول: إنه قد أضر بك) وأخ يعاتب أخاه يقول: أنت دائماً تستحي، هذا الحياء منعك من أخذ حقوقك وألحق الضرر بك، وكأنه يقرعه على استحيائه الدائم والشديد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بهما:(دعه فإن الحياء من الإيمان) فلا تثريب عليه أنه يستحي، وليس عيباً أنه يستحي، الحياء لا يأتي إلا بخير، هذا هو الحياء.