قال عليه الصلاة والسلام:(فبينما هم) يعني المسلمين يعدون العدة لمواجهة الدجال (يعدون للقتال ويسوون الصفوف إذا أقيمت الصلاة، فينزل عيسى ابن مريم، وفي رواية: فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق) وهي إلى الآن مكان معروف، لو تذهب إلى واحد من أهل دمشق، وتقول: أين المنارة البيضاء؟ فيدلك عليها، وعيسى ابن مريم ما مات بل رفعه الله حياً بجسده وروحه، وسينزل للقضاء على الدجال وتطبيق شرع الله في الأرض.
(فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين -أي: ثوبين مصبوغين- واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه يقطر ماءً وإذا رفعه تحدر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه -عيسى ابن مريم- ينتهي حيث ينتهي طرفه) أي: في دائرة نصف قطرها مد بصر عيسى عليه السلام، كل الكفار في تلك الدائرة يموتون.
(فإذا نزل عيسى ابن مريم ويكون المسلمون قد استعدوا للصلاة، وإمامهم المهدي وقائدهم المهدي الذي سيظهر في ذلك الوقت، فبينما إمامهم قد تقدم يصلي بهم الصبح، إذا نزل عليهم عيسى، فيرجع ذاك الإمام؛ لأنه عيسى أفضل منه، فيريد أن يتقدم الفاضل للإمامة، فيمشي القهقرى ليتقدم عيسى، فيضع عيسى يده يبن كتفيه، ثم يقول له: تقدم فصلي، فإنها لك أقيمت) وهذه تكرمة من الله لهذه الأمة أن يؤم عيسى رجل من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، فيصلي بهم إمامهم.
فإذا انصرفوا من الصلاة، وذهبوا إلى بيت المقدس لمواجهة الدجال، الذي سيكون قد توجه باليهود إلى هناك، قال عيسى: افتحوا الباب، فيفتحونه، ووراءه الدجال معه سبعون ألف يهودي، كلهم ذو سيف محلى وساد، فإذا نظر إليه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء، فينطلق هارباً، فيدركه عيسى عليه السلام بباب لد، وهو المكان المعروف الآن في فلسطين، الذي بنى فيه اليهود مطاراً معروفاً أو قاعدة عسكرية.
فعيسى سيدرك المسيح الدجال في بلدة اللد فيقتله، فينماع الخبيث، كما ينماع الملح في الماء ولكن عيسى يدركه فيضربه بحربة في يده، فيريهم أثر الدم على هذه الحربة، فيقتل مسيح الهداية مسيح الضلالة الدجال بهذه الحربة.
ثم يهزم الله اليهود، فلا يبقى شيء مما خلق الله عز وجل يتواقى به يهودي إلا أنطق الله ذلك الشيء لا حجر ولا شجر ولا دابة، ولا حائط، إلا شجر الغرقد الذي يزرعه اليهود الآن في فلسطين، فإنها من شجرهم لا تنطق، كل شيء ينطق، يقول: يا عبد الله يا مسلم، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، وبذلك يكون المسيح الدجال قد انتهى وتزول الفتنة، ثم تقع بعد ذلك أحداث أخرى، ويموت المهدي ويمكث سبع سنين ثم تحل البركة في الأرض، ويعم الإسلام، ولا يبقى شرك ولا كفر، ويخرج يأجوج ومأجوج، وتحدث بعد ذلك أشياء أخرى ثم تخرج الأرض بركاتها، إلى آخر القصص المعروفة في ملاحم آخر الزمان.
وهنا ينبغي أن نعتقد اعتقاد جازماً بخروج الدجال، وإنني أخبركم أن الفتنة بالدجال موجودة قبل أن يظهر، فيوجد من هذه الأمة طوائف من الجهمية والخوارج وأبو علي الجبائي من المعتزلة ومن تابعه أنكروا خروج الدجال، ومن المحدثين محمد عبده الذي ظهر في مصر في أول هذا القرن أنكر الدجال وقال: الدجال هذا كناية عن ظهور الشر والفساد وما في شيء حقيقي اسمه الدجال، وتابعه أيضاً محمد فهيم أبو عبية في تعليقه على الملاحم لـ ابن كثير فقال: لا يوجد دجال ولا شيء وإنما هو الشر والفساد، وكذلك فإن بعض الناس قالوا: إن الدجال سيظهر لكن ليس معه فتن، ما في جنة ولا معه نار، ولا يحي ولا يميت، ولا يفعل أشياء، وقالوا: لن تظهر على يديه خوارق، ومع الأسف كان منهم العلامة محمد رشيد رضا رحمة الله عليه، مع أنه صاحب علم وفضل لكن أخطأ في هذه المسألة، ونحن نعتقد ما اعتقده صلى الله عليه وسلم من خروج الدجال ومن وقوع كل هذه الأشياء فيه.