للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فروض الكفاية واهتمام العلماء بها]

وهذا يقودنا أيها الإخوة! إلى مسألة مهمة ومفهوم مهم جداً؛ ألا وهو قضية فروض الكفاية، إن كثيراً من الشباب لا يدركون لهذا المفهوم حقه، وربما لم يطلعوا أصلاً على كلام العلماء في هذه القضية، هناك واجبات كثيرة في المجتمع الإسلامي وبلدان المسلمين، كلنا آثمون بتركها جميعاً إلا من سعى للقيام بها، وكأن الواحد يظن أن صلاحه في نفسه أو بعده عن بعض المنكرات والمعاصي هو الواجب عليه، وأنه لا يجب عليه أكثر من ذلك، لا يجب عليه أكثر من الامتناع عن سماع الأغاني، والامتناع عن الإسبال، والامتناع عن بعض المنكرات والمعاصي التي كان يفعلها في السابق، هذا كل ما من شأنه، والمداومة على صلاة الجماعة ومصاحبة بعض الأخيار ممن هو على شاكلته فقط.

لكن المسألة أعمق من هذا بكثير، وكما قال ذلك الرجل الصالح: {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [يس:٢٦] يا ليت قومي يعلمون بالثغرات الموجودة والواجبات الشرعية في سدها، يا ليت قومي يعلمون بمعنى: فرض الكفاية الذي دندن حوله العلماء كـ ابن تيمية رحمه الله والشاطبي والقرافي والموقري والعز بن عبد السلام ونحوهم، هؤلاء العلماء الذين عاشوا في فترة أو في أزمة صار فيها شأن المسلمين إلى تضعضع وانحسار، وشعروا بالثغرات الموجودة فتكلموا في كتبهم، وبالذات مواضع أصول الفقه من كتبهم على هذه الواجبات الشرعية، فروض الكفاية، الذي دعا العلماء إلى توضيحها شعورهم بوجود العجز في الأمة، وشعورهم بوجود الثغرات التي ليس هناك من يقوم بتغطيتها.

ولذلك تكلموا في مسألة فروض الكفاية، والكلام عنها الآن في هذا الوقت من الأشياء المهمة والمهمة جداً؛ لأن الكلام عن فروض الكفاية هو الذي يشعرنا بتخاذلنا، وهو الذي يشعرنا بضعفنا وتقصيرنا فلعلنا نتحمس للقيام بالدور المطلوب.