والمسلم كذلك لا يضر في وصيته، فلا يزيد على الثلث ولا يُوصي لوارث؛ لأنه لا وصية لوارث أبدًا، فإن الله قد أعطاهم حقوقهم وبيّن أنصبتهم وحظوظهم، فلا يجوز لأحد أن يُوصي لوارثه، وكذلك لا يجوز حرمان وارث؛ لأن الله تعالى قال في كتابه:{غَيْرَ مُضَارٍّ}[النساء:١٢]، وقال ابن عباس رضي الله عنه: الإضرار في الوصية من الكبائر، وإذا قام المسلم على وصية مسلم أنفذها وقام بالأمانة فيها، فيُخرج حقوق الله أولاً من زكاة أو كفارات أو نذور لم يُخرجها الميت، ثم يخرج حقوق الآدميين من الديون وغيرها، وينفذ ما أوصى به الميت إن كان قد أوصى بشيء، وعلى الإخوان الكبار ألا يبخسوا إخوانهم الصغار حقوقهم، وألا يتعدى الذكر على الأنثى، فيأخذ حقها كما يفعل عدد من الأبناء إذا مات أحد الأبوين مثلاً، وبعضهم يقسم قسمة جاهلية، كما يفعلونه بتركة الأمهات فيكون المال والسيولة للذكور والذهب للإناث:{تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَى}[النجم:٢٢] وإنما يقسم الجميع كما أمر الله سبحانه وتعالى.
عباد الله: ما الذي يحمل المسلم على إنفاذ الوصية؟ ما الذي يحمله على أن يأتي بها على الوجه الذي أرادها الموصي دون زيادة ولا نقصان؟ إنه الخوف من عذاب الله:(فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ مَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ)[البقرة:١٨١] وانظر إلى الوعيد الذي ذكره الله عز وجل بعد أن بيَّن قسمة المواريث فقال عز وجل: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَاراً خَالِداً فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}[النساء:١٣ - ١٤].