وفي هذا الحديث: الأخذ بالقرائن والإشارات، وأن جرهم عرفوا أن هناك ماءً نتيجة رؤية الطير الذي يحوم، وهذا فيه العمل بالقرائن والأدلة.
وكذلك في هذا الحديث: تفقد الأولاد، وأن إبراهيم كان يأتي من الشام يسافر عدة مرات يتفقد تَرِكَتَه، وعدم تضييع الأولاد، ويؤخذ هذا بالنسبة للإخوان من العمال الذين يعملون في هذا البلد وتركوا أهاليهم وأولادهم في بلدهم، أن عليهم ألا تأتي فرصة يستطيعون فيها الذهاب إلى زوجاتهم وأولادهم في بلادهم إلا وينتهزوها لتفقد الأولاد والنساء.
لأن المرأة إذا تُرِكت فإن تركها لوحدها سنة أو أكثر بعيدة عن زوجها يسبب أموراً منها: أولاً: أنها تشعر بالخوف، المرأة تشعر بالأمان مع الزوج، وبدون زوج كيف يكون وضعها؟ ثانياً: ربما احتاجت إلى الناس ومدت يدها إليهم، ليس عندها أحد يأتي لها بالأغراض وما تحتاجه.
ثالثاً: ربما يكون فيه مدعاة للفساد، خصوصاً في هذا الزمن، وكم حدثت من كوارث.
ثم: الولد والأولاد إذا كبروا والأب غير موجود، الأب يعمل في السعودية صحيحٌ، لكن الأولاد كيف ينشئون؟! ولذلك بعض الناس عندما يرجع قد يجد ولده صار مدخناً، وبعضهم أصبح يستعمل المخدرات، وبعضهم يعمل المنكرات؛ لأنه لا يوجد أب بجانب الأولاد، صحيحٌ أن المادة مهمة؛ لكن أيضاً بقاء الأب بجانب الأم والأولاد أهم.
فعلى الإنسان ألا تأتيه فرصة إلا وينتهزها للذهاب إلى أهله.
ولا يجوز للإنسان شرعاً أن يترك زوجته أكثر من أربعة أشهر أو ستة أشهر إلا برضاها، إذا قالت: أنا لا أرضى أن تتركني أكثر من أربعة أو ستة أشهر، فعند ذلك لها أن تطلب الطلاق أو يرجع إلى زوجته.
نعم.
هناك صعوبات تكون في بعض الأحيان ليس للإنسان فيها يد، يريد أن يجتمع بزوجته ويأتي بزوجته، لكن يحول بينه وبين ذلك عوائق، لا يكون له يد فيها، فيشكو أمره إلى الله، ويأخذ بأقل المفاسد، إن كان أقل المفاسد أن يعمل بعيداً عنهم يعمل، وإن كان أقل المفاسد أن يذهب إليهم يذهب.
وربما كان العيش على شيء من الضيق وهو مع أهله وأولاده خير من توفير ثمن أرض أو بناء وهو تارك لأهله، يعني: الراعي بعيد عن الرعية.