أخي التاجر! قد تحل بك خسارة في تجارتك، أو كساد في بضاعتك، وتتراكم عليك الديون، ويطالبك التجار الآخرون، وينزل بك من الهموم والأحزان خطوب جسام، والخسارة تلو الخسارة، ولا تدري أين تذهب بوجهك من الديانة، فلا تحزن وإن صبرت واتقيت فسيفرج الله همك، ويذهب حزنك وغمك، ويجعل لك من الضيق مخرجاً، ويبدل حالتك بعد العسر يسراً.
قال الشافعي رحمه الله:
صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا من راقب الله في كل الأمور نجا
أخي العامل أو الموظف! قد تمر بك ساعات شدة، قد تفصل من عملك، أو تفقد وظيفتك فينزل بك الكرب ويركبك الهم، وأسئلة تدور في خلدك: ماذا ستفعل؟ وكيف تعيش؟ ومن أين تكسب اللقمة التي تضعها في أفواه أولادك؟ وما مصيرهم؟ ولكن اعلم أن الله هو الرزاق ذو القوة المتين، وأنه يرزق الطير في جوها، والنملة في جحرها، وأن الله لا يضيع عباده، واتق الله في جميع أمورك حتى يجعل الله لك فرجاً ويرزقك من حيث لا تحتسب.
وأنبه هنا -أيها الإخوة- وأقول لبعض الناس الذين تركوا أعمالاً محرمة مثل بعض أعمال البنوك ووظائفها ولم يعثروا على وظائف، وبقوا فترات طويلة بدون عمل، حتى وقع بهم الشك والحيرة: أين قول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:٢ - ٣]؟ ويقول: إني اتقيت الله فخرجت من العمل المحرم ولكني لم أجد عملاً.
يا أخي! إنك اتقيت الله في عمل واحد من أعمال حياتك وهو خروجك من العمل المحرم، ولكنك ربما لا تزال مقيماً على أعمال كثيرة محرمة، ربما أنك تمشي إلى معصية الله، وتنظر إلى ما حرم الله، وتسمع ما حرم الله، فكيف بعد ذلك تقول: إن الله يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً}[الطلاق:٢] وأنا ما جعل الله لي مخرجاً؟! أنت لم تتق الله إلا في شيء واحد، أين تقوى الله في بقية الأشياء؟! إذاًَ: أخلص لله واترك جميع المعاصي، والله لا بد أن يجعل لك مخرجاً وفرجاً؛ لأنه وعد في الآية، لكن تقوى الله واسعة وعامة