وأما شهوة النساء -يا عباد الله- والوقوع في حبائل الشيطان من هذه الجهة؛ فإن السعار الموجود في هذه الأيام والولوغ في مستنقعات الشهوة الآسنة ما أكثر منه، وهؤلاء الذين يتتبعون القنوات وشبكات الإنترنت والصور وغيرها قد سمروا أعينهم على الشاشات في سبيل ملاحقة برامج الفحش والرذيلة، وما أكثر الذين يشدون رحالهم إلى بلاد الفجور في سبيل تلبية شهواتهم المحرمة، وهذا المستنقع مستنقع القرن العشرين والحادي والعشرين الذي سيقدمون عليه، تعاظمت فيه الشهوات، وبذلت فيه أنواع الفنون في التصوير، وتصوير ذوات الأرواح هو باب الشر العظيم في هذا الزمان، وما أعظم الشريعة حين حرمت تصوير ذوات الأرواح؛ لأن تصوير ذوات الأرواح هو الذي أوقع الناس في ألونٍ كثيرةٍ من الفجور، قال تعالى:{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً}[النساء:٢٧] فتكالب شياطين الإنس والجن -يقودهم اليهود- في إفساد العالم، وإغراقه بالجنس، وإشاعة الفاحشة، حتى لا يبقى هناك طهرٌ ولا عفافٌ، ولا عرضٌ محفوظٌ ولا صيانةٌ، ولا تقوى ولا دين، فيسهل لليهود قيادة ذلك القطيع البهيمي، وإرخاء العنان للشهوة، وإحداث السعار والتولع بذلك لا يمكن أن يحدث شبعاً، بخلاف ما يقوله أصحاب النظريات الغربية من أن الإشباع يؤدي إلى الراحة، وهذا لا يمكن إطلاقاً، بل إن الانغماس يؤدي إلى مزيدٍ من الجوع، ولم نسمع أن رجلاً غرق في الزنا فشبع من فتنة النساء فكف وعف.
قال علي الطنطاوي رحمه الله: لو أوتيت مال قارون، وجسد هرقل، وواصلتك عشر آلافٍ من أجمل النساء من كل لونٍ وكل شكلٍ وكل نوعٍ من أنواع الجمال هل تظن أنك تكتفي؟! لا.
أقولها بالصوت العالي لا.
أكتبها بالقلم العريض، ولكن واحدةٌ بالحلال تكفيك.
ولا تطلبوا مني الدليل، فحيثما نظرتم حولكم وجدتم في الحياة الدليل قائماً ظاهراً مرئياً، واحدة في الحلال تكفيك كثيراً أو اثنتان في الحلال إلى أربع، وأما في الحرام فلو فجر بألف امرأة من نساء الدنيا فلا يمكن أن يكون عاقبته العفة.
ومن وقع في هذه المفاسد أنهك الجسد، وأتلف المال، وجلب العار، وأزال المروءة، وذهبت جلالته ووقاره، والعجيب أن يكون الرجل العاقل الكبير صاحب الأولاد والذرية قد أقبل على أقبح ما يكون بالوقوع في هذا السعار، والله عز وجل حكيمٌ عليم، وقد قال لنا:{وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً}[النساء:٢٨].