للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أخذ العلم عن الثقات]

السؤال

هل من مانع أن أدرس العلم عن شيخ عنده أخطاء في المنهج بحيث آخذ منه العلم وأترك الأخطاء؟

الجواب

لا يصلح للمبتدئ في طلب العلم أن يأخذ العلم عن شيخ عنده أخطاء وانحرافات، والسبب أنه إذا كان مبتدعاً فقد يدس لك البدعة في أمثلة النحو والأصول، وإذا كان الشيخ قاصراً وقد ذَكَرْنا لهذا مثالاً، قلنا: بعض العلماء عندما كانوا يجمعون الحديث من أين كانوا يجمعونه: من أهل السنة أم من أهل البدعة؟ من أهل السنة أولاً، ثم إذا تقدموا وعرفوا وجمعوا أشياءً وكانوا متمكنين ربما يذهب إلى إنسان ليختبره، ليرى ماذا يحدِّث؟ ماذا عنده من الأشياء؟ لكن هذا لا يفعله الشخص المبتدئ، كما وقع لأهل العلم لما زار أحد المُغالين في التشيُّع ليأخذ عنه، فكان هذا المتشيِّع يختبر الطلاب الذين يأتون عنده، فلما جاءه الرجل وجد عنده سيفاً معلقاً، قال: ما هذا وأنت ضرير، قال: أقاتل به مع المهدي إذا ظهر، فقال هذا الشيخ المبتدع للطالب: من الذي حفر البحر؟ قال: الله عز وجل، قال: أدري، ولكن من حفره؟ قال: الله الذي خلق البحر، قال: أدري ولكن من حفره؟ قال: يخبرني الشيخ، قال: حفره علي بن أبي طالب، ثم قال له: من أجرى البحر؟ قلت: الله أجرى البحر، قال أدري، لكن من الذي أجراه؟ قلت: يقول الشيخ، قال: أجراه الحسن بن علي، قال: فلما سمعتُ ما أريد سماعه منه من الأشياء التي عنده جئته في النهاية في آخر يوم مودعاً، فقال: من الذي حفر البحر؟ من الذي أجرى البحر؟ قلت: الذي حفره معاوية، والذي أجراه عمرو بن العاص، فقال: خذوا الكافر، خذوا الكافر.

فالطالب المبتدئ لا يأتي إلى مبتدع يأخذ عنه؛ لأنه قد تختلط عليه الأشياء فيضله، إما إذا كان الشيخ مجيداً في فن وليس عنده جودة في غيره، قد يكون مجيداً في الفقه مثلاً، واستنباط الأصول، لكن ليس عنده إتقان في الحديث ومعرفة الصحيح من الضعيف، فيأخذ عنه ما هو مجيد فيه.

نعيد ونقول وننبه ونؤكد: أنه ربما يكون طالب علم قريب منك، متفرغ لك، أفضل في جانب معين من عالم قد لا يكون عنده اشتغال هذا الطالب بفن من الفنون، فقد يوجد طالب مثلاً مشتغلاً بفن الحديث، وعالم مشتغلاً بالفقه، وهذا الطالب قد يعطيك في هذا أكثر مما يعطيك ذلك العالم، فلا بد أن ينتبه إلى هذا.