والله عزَّ وجلَّ غيور، والله سبحانه وتعالى يغار، كما قال صلى الله عليه وسلم:(لا أحد أغير من الله، ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن)، ولما قال سعد بن عبادة رضي الله عنه:[لو رأيت رجلاً مع امرأتي لضربته بالسيف غَير مُصْفِحٍ] فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (أتعجبون من غيرة سعد! والله لأنا أغير منه، والله أغير مني، ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن) متفق عليه.
وفي الصحيحين أنه عليه الصلاة والسلام قال:(إن الله يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة الله أن يأتي العبد ما حرم عليه).
وفي الصحيحين في خطبته صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف أنه قال:(يا أمة محمد! والله إنه لا أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته.
يا أمة محمد! لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلاً، ولبكيتم كثيراً.
ثم رفع يديه، فقال: اللهم هل بلغت؟) وفي ذكر هذه الكبيرة بخصوصها عقيب صلاة الكسوف سرٌ بديع لمن تأمله، فظهور الزنا من أمارات خراب العالم، وهو من أشراط الساعة كما أخبر عليه الصلاة والسلام بقوله في أشراطها:(ويظهر الزنا)، وقد جرت سنة الله سبحانه في خلقه، أنه عند ظهور الزنا يغضب الله سبحانه وتعالى ويشتد غضبه، فلا بد أن يؤثر غضبه في الأرض عقوبةً؛ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه:[ما ظهر الربا والزنا في قريةٍ إلا أذن الله بهلاكها].
وغيرة الله صفة من صفاته سبحانه وتعالى، نثبتها له كما يليق بجلاله وعظمته، والمؤمن يستفيد من أسماء الرب وصفاته، ويتخلق بما يناسب ذلك منها في حق المخلوق وبما يليق، فإذا كان الله يغار والغيرة تناسب المخلوق؛ فإن المخلوق يغار أيضاً، والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن المؤمن يغار.