ثم إنه لا بد للدعاة إلى الله الآمرين الناهين أن يقدموا البديل الصحيح للناس ما دام ذلك ممكناً، فإن مجرد أن تقول: هذا حرام هذا خطأ، دون أن تبين البديل نقصٌ في الدعوة، ونقصٌ في الإنكار، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، فلما سمع بعض الناس يقولون في التشهد في الصلاة: السلام على الله من عباده، السلام على فلان وفلان، وفي رواية: السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تقولوا: السلام على الله، فإن الله هو السلام، ولكن قولوا: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنكم إذا قلتم، أصاب كل عبدٍ صالح في السماء والأرض) فلا حاجة لئن تخص جبريل وميكائيل، فبمجرد أن تقول: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، تصيب بسلامك ذلك جبريل وميكائيل، وسائر الملائكة، وكل عبد صالح في السماء والأرض.
ولما جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم بتمرٍ برني -تمر جيدٍ- قال:(من أين هذا؟ قال بلال: كان عندنا تمرٌ رديٌ، فبعت منه صاعين بصاعٍ) هذا ربا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يباع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والتمر بالتمر، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والملح بالملح إلخ، مثلاً بمثلٍ، فمن زاد او استزاد فقد أربا، فلما أخبره بلال أنه باع صاعين بصاع، قال: لنطعم النبي صلى الله عليه وسلم، ما قصدت إلا الخير، بعت صاعين من تمرٍ رديٍ بصاعٍ من تمرٍ جيدٍ، فقال عليه الصلاة والسلام:(أوه عين الربا، لا تفعل، ولكن إذا أردت أن تشتري -هذا البديل- فبع التمر ببيعٍ آخر، ثم اشتره).
وكذلك إذا أراد إنسانٌ أن يستبدل ذهب زوجته، بعض الناس يعطي الذهب القديم، ويأخذ الذهب الجديد، ويدفع الفارق، (أوه) كلمة توجع (عين الربا لا تفعل) ولكن بع الذهب القديم واقبض النقود، ثم اشتر ذهباً جديداً من عنده، أو من عند غيره بنفس المال الذي معك، أو بأكثر، أو بأقل وهكذا يكون البيع الشرعي، وهناك فرق.
بعض الناس يقولون: هذا إجراء لا معنى له؟! لا.
بل له معاني، ولذلك إذا أردت أن تفعله، واختلف السعر عليك، فجربه وسترى ماذا سيقول البائع؟ أما إذا كان المبيع من غير الأصناف الربوية، كسيارة بسيارة مع دفع الفارق، وأرض بأرض مع دفع الفارق، فلا بأس بذلك، لأن الأراضي والسيارات ليست من الأصناف التي يجري فيها الربا، ولا يشترط فيها المماثلة ولا التقابض في مجلس العقد.
إن الإنكار دون تعليم البديل وتقديمه عيبٌ لا بد من تلافيه ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.