والمشير دائماً يأمر بالخير والرأي السديد، وينصح بالشيء الصحيح، فمن خصال المشير مثلاً: أن يكون صاحب دين وتقى: فإن صاحب الدين يكون أميناً في إعطاء الرأي مأمون السريرة موفق العزيمة.
واستشارة الناس الذين لا خير ولا دين فيهم كثيراً ما تكون آرائهم وبالاً على المستشير.
انظر على سبيل المثال النكبات التي أصيبت بها جيوش المسلمين في العصر الحاضر، كل الهزائم التي مني بها المسلمون في هذا الزمان كانت بسبب استشارة الكفرة والمنافقين والناس الذين لا يوثق بهم أبداً من أعداء الله، لأن المنافق عدو الله ما هو الخير من وراء استشارته، وإذا أردت مثلاً من القديم: فما هو السبب في تخريب بغداد ودخولها إلا أن مستشار الخليفة يومئذٍ هو ابن العلقمي الخائن الرافضي؟ ولما كان مثل ابن العلقمي الخائن هو المستشار حل الخراب في بلاد المسلمين، وهكذا في يومنا هذا تحصل النكبات والنكسات بسبب وجود أولئك الخبثاء الذين يشيرون بالخطأ عمداً ونكاية، وتقع النكبات نتيجة أخذ آرائهم.
وورد في حديث ضعيف:(لا تستضيئوا بنار المشركين) استنبط منه الحسن البصري استنباطاً يقول فيه: أي: لا تأخذوا بآراء المشركين، ولا تستشيروهم في أموركم، ولا تأخذوا بآرائهم، لأن آراءهم مثل النار، وإن كان المعنى الأقرب للحديث: ابتعدوا عن المشركين ولا تساكنوهم ولا تخالطوهم، والحديث فيه ضعف.
ولكن لا مانع أن يستشار الكافر أحياناً إذا كان موثوقاً به، مثلاً: مقاول رأى مهندساً كافراً، لكن تبين له من أمر هذا المهندس أنه ثقة في الرأي لا يخون، وينبغي أن ينتبه؛ لأن هؤلاء الكفرة لا خير فيهم، قد يكون فيهم خبث، وقد يكون في استشارتهم دمار عليه، وعلى العمل الذي يريد إنشاءه، لكن لو وثق به مثل ما وثق الرسول صلى الله عليه وسلم بـ عبد الله بن أريقط المشرك فقد استئجره في الطريق، وكان إنساناً مأموناً، قد يكون كافراً لكن فيه أمانة.
لكن ما هو الغالب على الكفار؟ الغالب عليهم أنهم أعداء للدين، وأنهم يريدون الشر بالمسلمين، وأن آراءهم وبال على المسلمين وليست لصالح المسلمين.