الناس في التذكر ثلاثة: الأول: رجل قلبه ميت فلا يتذكر فهو غافل.
الثاني: رجل له قلب لكن لا يسمع، كيف؟ أي: أنه إنسان ليس بغافل، ولكنه إنسان خامة جيدة، لكن ما جاءه أحد ووضع فيها بذراً، وسقاها وقلع شيئاً، لكنها أرض خصبة تنتظر من يبذر فيها، فهناك أناس عندهم قلوب، لكن ما تهيأت لهم الأسباب، أو الأشياء التي تجعلهم يفكرون في هذه الآيات.
الثالث: رجل له قلب وتمر عليه الآيات ويسمعها ويفكر فيها، فالناس الذين عندهم قلوب وعندهم استعداد لكن ما عندهم تفكر، هؤلاء ناس من العامة، مثلاً: ربما أنهم لم يحصل لهم مجال لسماع الخير؛ فينبغي أن نهتم بهم، وأن نوجه لهم جهودنا.
فالإنسان الذي ليس له قلب، هذا غافل، والإنسان الذي ليس له قلب هذا بمثابة الأعمى، والذي له قلب لكن لم يتفكر؛ لأنه لم يسمع ولم يصل إليه شيء، كإنسان له بصر لكنه لا ينظر إلى شيء ينظر إلى الفضاء إلى الخلاء هكذا، والشخص الثالث: الذي عنده قلب ويتفكر فهو كالناظر إلى الشيء المهم الذي يستحق النظر والتفكير.
والتفكر درجات، فليس كل الناس يستطيعون أن يفكروا في الآيات والأحاديث والأشياء، ولا يستطيع بعضهم أن يتعمق فيها جداً، بعضهم يتعمق إلى آخر الشيء، وبعضهم يتعمق إلى ما قبله، وبعضهم إلى نصف الموضوع وبعضهم إلى أطراف الموضوع، ولكن العموم الذين يتفكرون، يعني: إن لم يصبها وابلٌ فطل، فإذا ما جاءه مطر غزير، يأتي ولو رش ينتفع به.
فلذلك قال الله عز وجل:{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ}[سبأ:٦] بماذا يرون؟ بالتفكر، درسوا الآيات، فلو يدرس فقط المحرمات في الشريعة لعلم أن هذا الشرع مبني على حكمة رب العالمين:{وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ}[سبأ:٦] بما آتاهم الله من البصيرة، فتفكروا وتمعنوا في معنى هذا القرآن والسنة، فهذه القلوب تحيا، إن القلوب تحيا بالتدبر والتفكر في آيات الله عز وجل، سواء كانت: المذكورة في القرآن، أو في كتب الحديث، أو المنثورة في الأرض والكون والجبال والشجر والدواب والبحار والأنهار وهكذا.