وإذا نظرنا إلى الحكم في التناجي فقد ذكر بعض العلماء أن حكمه الكراهة، وذكر بعضهم أن حكمه التحريم، والظاهر أيها الإخوة أن الحكم في ذلك التحريم؛ لأن النهي يقتضي التحريم، ولأن الله تعالى يقول:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}[الأحزاب:٥٨] وأذية المؤمن محرمة، ولذلك يقول الله في هذه الآية:{فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً}[الأحزاب:٥٨] وبما أن في التناجي إيذاء للمؤمن، إيذاء المسلم لأخيه المسلم، والإيذاء محرم بنص القرآن، فلذلك صار التناجي محرماً.
وقد فهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه المسألة حق فهمها، فروى الإمام مالك في الموطأ عن عبد الله بن دينار قال:(كنت أنا وابن عمر عند دار خالد بن عقبة في السوق، فجاء رجل يريد أن يناجيه -جاء رجل عند ابن عمر، وابن عمر يريد أن يناجيه- وليس مع ابن عمر أحد غيري، فدعا ابن عمر رجلاً آخر من السوق -قال لرجل رابع تعال- حتى كنا أربعة، ثم قال لي وللرجل الثالث الذي دعا استأخرا شيئاً -واستأخرا من التأخر حتى يبلغ المناجي مراده، تأخر أنت والرابع شيئاً حتى أتمكن من كلام هذا الرجل الذي معي- فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يتناجى اثنان دون الثالث).