روى الخطيب -رحمه الله- حكاية عن أبي عبيد القاسم بن سلاَّم أنه جاءه الحسن بن حربوية، فقال: أريد أن أسألك عن سؤالين قال: ما هما؟ قلت:{دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ}[ص:١٧] ما معنى الأيد؟ قال أبو عبيد: القوة.
قلت: فما معنى: {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}[ص:٤٥]؟ قال: القوة، والأبصار: العقول.
قلت: ما بال إحداهما لم تثبت فيها الياء {دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ}[ص:١٧] إنما بالكسرة بدون ياء؟ وهذه {أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ}[ص:٤٥] ثبتت فيها الياء مع أن كلاهما بمعنى: القوة؟! قال: عمل الكاتب الذي كتب.
قال: فاندفعتُ أسأل عن مسألة أخرى ثالثة، فقال أبو عبيد مذكراً للسائل: أنت قلتَ: مسألتين يرحمك الله؟ قال: قلت: ما أحسب حضر المجلس أحدٌ أبعد مني منزلاً، فقال أبو عبيد معلماً إياهُ: الصدق وإن كان يرحمك الله، فأنت إن قلت مسألتين فعليك أن تلتزم بمسألتين، فإن أردت أكثر فاستأذن، لكن أن تقول: أريد أن أسألك سؤالين، ثم تسأل سبعة أو خمسة أو ثلاثة.
لا، أين الصدق؟ انظر: كيف كان يتعامل بالصدق حتى في هذه الأشياء الدقيقة.