ولنأخذ مثلاً آخر: عندما نرى كثرة ارتكاب الناس للمعاصي، وإذا ناقشناهم قالوا: الله غفور رحيم، هذه الكلمة التي يحتجون بها على ارتكاب المعصية ناتجة من الجهل بحقيقة توحيد الأسماء والصفات، فهم يعلمون أن الله غفورٌ رحيم، لكنهم ينسون أنه شديد العقاب، وأنه غفور لمن؟ ورحيم بمن؟ هل يغفر للمعاند المكابر المصر أم أن هذا الرجل متوعد؟ فإذاً غياب المفهوم الصحيح لتوحيد الأسماء والصفات الجهل بمعاني أسماء الله تعالى وصفاته يقود إلى نتائج سيئة في الواقع.
نحن نقول: إن رحمة الله تعالى قريبٌ من المحسنين، فينبغي أن نكون من المحسنين، أنت تقول له: إن رحمة الله قريب من المحسنين، فأين الإحسان؟ ثم تقول له: إن الله تعالى قال: {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ}[الحجر:٤٩ - ٥٠] وقال تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة:٩٨] فقرن بين شدة العقاب والمغفرة والرحمة، فهو سبحانه شديد العقاب وهو سبحانه غفور رحيم، نعم إن رحمته سبقت غضبه، ولذلك أهل الأعراف الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم مصيرهم إلى الجنة في النهاية؛ لأن رحمة الله سبقت غضبه، فلما تساوت حسناتهم وسيئاتهم، ورحمة الله سبقت غضبه؛ كان مصيرهم إلى الجنة، لكن بعد دخول أهل الجنة الجنة، يقفون في ذلك الموقف العظيم، وتصرف وجوههم قبل أصحاب الجنة وأصحاب النار، وتحدث المحاورة التي ذكرها الله تعالى في كتابه في سورة الأعراف، لكن ينبغي ألا يجعل هذا المفهوم وهذه القاعدة أهل الفسق يتمادون في فسقهم ويتكلون على رحمة الله يقولون: الله غفور رحيم، وهم غارقون في المعاصي.