قال تعالى:{شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ}[البقرة:١٨٥]، شهركم على الأبواب، ونفوس المؤمنين تنتظر، والفرحة بقرب قدوم الغائب عمت القلوب التي تنتظره؛ لأن المؤمن يتطلع إلى موسم الخير، وإلى الأوقات الفاضلة، ليتعرض لنفحات ربه.
وها قد اقترب شهر الصيام، وتأججت في النفوس اللوعة ونيران الاشتياق لشهر رمضان، وتأتي الشريعة بالأحكام التي تؤدي إلى حصول الشوق والتطلع، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تقدموا رمضان بيوم أو يومين إلا من كان يصوم صوماً فليصمه) فمن صام فيما تبقى من الأيام قضاءً عما فاته من رمضان الماضي، أو كفارة ليمينٍ ونحوه فلا بأس بذلك، وأما من صامه بنية الاحتياط لرمضان فهذا منهيٌ عنه، ومن كانت له عادةٌ فوافقت عادته قبل رمضان بيوم أو يومين فهو يستمر على عادته، فلو كان دخول رمضان الجمعة وكان معتاداً على صيام الخميس من قبل، فهو يصومه على عادته كما جاء في الحديث، أما من لم تكن له عادة وليس له قضاءٌ أو كفارة فممنوعٌ من الصيام قبل رمضان بيومٍ أو يومين، لماذا؟ ذكر العلماء عدة أسباب: أولاً: ألا يزاد في رمضان ما ليس منه.
ثانياً: الفصل بين الفرض والنفل.
ثالثاً: الاستعداد للصيام والتشوق له، فيدخل رمضان بطعمٍ جديد، وينحبس الناس عن الصيام ترقباً لدخول الشهر حتى يصوموا، حبستهم الشريعة عن الصيام قبله لكي يدخلوا به وقد استطعموه طعماً جديداً، وحبسوا عن الصيام قبله تشوقاً إليه، فهذه الشريعة تشوقهم لشهر رمضان.