أخي، يا من اضطر لطلاق زوجته في ذات الله وإرضاءً لله! قد يجتمع عليك جيش الهموم، فهمٌ يحيط بك مما خسرت وتكلفت في ذلك الزواج، وهمٌ يحيط بك: هل ستجد امرأة صالحة أخرى تتزوجها؟ وهمٌ يحيط بك: هل كانت المطلقة قد خلفت لك أولاداً من يعتني بهم؟ وهمٌ يحيط بك من موقفك أمام الناس وإذا هم همزوك ولمزوك وأساءوا القول في جانبك، فلا تحزن ما دمت قد فعلت ذلك إرضاءً لله، فإن الله يقول في سورة الطلاق في نهايات الآيات:{لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً}[الطلاق:١]{سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً}[الطلاق:٧]{وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}[الطلاق:٢ - ٣]{قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً * وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً}[الطلاق:٣ - ٤] نهايات عجيبة تنتهي بها آيات الطلاق لماذا؟ لأن الطلاق شيء كبير، وفيه هَمٌ عظيم لمن اتخذ ذلك القرار إرضاءً لله عزَّ وجلَّ، إن الله سيجزيه على عمله ذلك ويعوضه خيراً.
أخي، يا من وقعت في ورطة فلم تعرف كيف الخلاص، وحاولت الفكاك ولكن ولات حين مناص! تذكر في لحظاتك هذه قوله تعالى:{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}[الأنبياء:٨٧ - ٨٨].
أخي، يا من ابتلاه الله في جسده! فهو يئن تحت وطأة المرض، ويتلوى من الوجع على فراش الإصابة، تحيط بك هموم الآلام بأنواعها.
ويا من ابتلاه الله في حبيبه أو ولده فهو يحس حرارة الابتلاء في كبده، لا تيأس فإن فرج الله بالشفاء لآت، وإن لم يحصل الشفاء فهو ابتلاء ترفع به الدرجات في الجنات، وتضاعف الحسنات {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ}[الأنبياء:٨٣ - ٨٤].
ومن رحمة الله أن جعل طعم البلاء يخف على الإنسان كلما امتد زمن البلاء، فأنت ترى المريض المزمن في مرضه اللحظات التي يعيشها الآن أهون عليه من اللحظات التي كانت عندما بدأ المرض؛ لأنه قد تعود مع أن المرض لم يخف بل إنه ربما يشتد؛ لكن الله يصبره، وعلى قدر البلاء تنزل المعونة.
تعودت مس الضر حتى ألفته وأسلمني طول البلاء إلى الصبر
ووسع صدري للأذى كثرة الأذى وكان قديماً قد يضيق به صدري
وكذلك الداعية إلى الله عندما يبتلى بأذى الناس ربما يجزع في المرات الأولى، ولكن يوسِّع صدره على الأذى كثرة الأذى، وعلى قدر البلاء تنزل المعونة