فمن ذلك هداية جبير بن مطعم الصحابي رضي الله تعالى عنه وكان قد جاء في أسارى بدر، وهؤلاء من حكمة النبي عليه الصلاة والسلام وفطنته أنه جعله في مكانٍ قريبٍ من المسجد، وكان ربما جعل الأسير في المسجد حتى يسمع القرآن وصوت النبي صلى الله عليه وسلم به، قال جبير:(سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ * أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ}[الطور:٣٥ - ٣٧] قال جبير: كاد قلبي أن يطير، وذلك أول ما وقر الإيمان في قلبي) يعني: سكن وثبت، وهذا الحديث في صحيح البخاري رحمه الله.
قال ابن كثير: فكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك، فقد تكون الهداية نتيجة أسباب تجتمع وقد لا تكون في وقتٍ واحد، لكن هذا السبب الآن مع سبب آخر بعده بشهر أو شهرين، أو سنة أو سنتين تحصل الأسباب التي تؤدي بالشخص إلى الهداية.