أولى الطرق أن ندرس على العلماء وهذه لا نقاش فيها مطلقاً، وهي مفروضة، فإن لم يوجد فهل نعطل الدروس فلا ندرس شيئاً أبداً؟ طالب علم جيد يقوم هو بالتدريس، فإذا لم نجد طالب علم، فهناك طرق فردية مثل أن يمسك أشرطة العلماء ويمسك الكتاب أو المتن المشروح ويسمع كأنه في الدرس، ويلخص، ويكتب، وينقل على حاشية الكتاب، وهذه من أعظم طرق تعويض فقد العلماء أو قلة العلماء، الآن الحمد لله الله عز وجل لما قدر علينا أن نكون في آخر الزمان حيث يقبض العلم، وبدأ قبض العلم وموت العلماء، فإنه عوضنا بأمور من المخترعات الحديثة نستطيع بها أن ندرك شيئاً مما فات، ولو أن أجر دروس الحلقة لا يعدله أجر سماع الشريط بالتأكيد.
نحن بدأنا الحديث بفضل حلق الذكر حتى نؤكد أنه لا يعدلها شيء من الدراسات الفردية، أو سماع الأشرطة، لا زالت الحلقة في البركة والأجر أكبر، حتى فهم الإنسان إذا جلس عند العالم أكبر من فهمه عندما يسمع شريطاً لكن إذا ما وجد فقد وجدت طرق فردية ومن أعظمها كما قلت: سماع أشرطة العلماء، وتلخيص ذلك، أو كتابة شرح الشيخ على حاشية المتن أو الكتاب الذي يشرحه، مثل: الأربعون النووية، مثلاً متن الواسطية، متن كتاب في السيرة النبوية، متن فقهي، زاد المستقنع، عمدة الأحكام، كشف الشبهات، الأصول الثلاثة، البيقونية إلخ، أي متن من المتون غالباً تجد له شروحاً للعلماء موجودة مسجلة، فتأخذ الأشرطة وتفتح الكتاب، تسمي الله وتسمع وتركز، فيها ميزات أن تعيد الشريط، لو كنت مع الشيخ ما استطعت تقول أعد أعد، تعيد الشريط حتى تفهم وهكذا، يبقى إشكاليات تدون حتى ترحل في سبيل حلها إلى عالمٍ في مكة أو في المدينة أو الرياض أو في القصيم، أو إذا جاء إلى المنطقة التي أنت فيها تلقاه فتعرض عليه ما لقيت من الإشكاليات، فأنت تعوض كثيراً مما فات، لكن هذه الأشياء فردية والأشياء الفردية يعتريها أمور من قلة الهمة والضعف، ضعف الهمة وقلة الصبر.
وإن بعض الناس يقولون: إن الطريقة التي تذكرها من سماع الأشرطة والحواشي هذه بالنسبة لنا صعبة، ما عندنا صبر وطاقة، حيث أن هناك ما يعتور هذا، نقول: درب نفسك وعود نفسك، وجاهد نفسك، والصبر هذا هو الذي أوصل العلماء إلى ما وصلوا إليه، طيب وفي حالة وجود ضعف الهمة وعدم كفاية الأشرطة، والرغبة في الأجر، لأن الحلق لا يعوضها شيء، لا بد أن تعقد الحلق، ولأن فيها جوانب أخرى غير قضية الشرح الواضح، وفك المتن، وعبارات المتن، قضية حف الملائكة بأجنحتها، ونزول الرحمة والسكينة، هذا لا نريد أن نفوته، لأن في الحلق فوائد تربوية عظيمة، من قضية إحياء منهج السلف في طلب العلم، ولو لم نكن قادرين على إحيائه (١٠٠%) لأن أهل العلم قلة، فإن عقد الحلق مهم جداً جداً، لابد لكل واحد أن يكون له على الأقل حلقة أسبوعياً، وإلا فهو إنسان لا يعيش في عالم التربية الإسلامية على العلم كما ينبغي، إذا لم تكن عندك حلقة في الأسبوع على الأقل، فهذه مشكلة، كان عند الإمام النووي رحمه الله اثنا عشر درساً في اليوم، ونحن كل واحد منا له ما يشغله من الصباح إلى الليل، نقول نحن: درس في الأسبوع، لابد من درس في الأسبوع.
وقد يقول قائل: لم نجد علماء، عرضنا على طلبة العلم فاعتذروا بالانشغالات، ماذا نفعل؟ ثم نحن عندنا أيضاً أمور من الأجر نريدها، نريد حلقة لأجل الأجر، وكما قلت: حتى لو قرأ أحدهم القرآن وجلس الباقون يستمعون، حتى لو جلسوا يتذكرون نعم الله عليهم لأجل الأجر، إذاً لا بد من وجود حلق، لا نريد أحداً يعيش بدون حلق، لا بد من وجود حلق ولو مع واحد (تعال بنا نؤمن ساعة) فإذا ما وجدنا عالماً أو طالب علم، سنبحث عن أمثل الموجودين لعله يقوم بالشرح، فإذا لم يستطع، فنحن سنتعاون على دراسة كتاب أو قراءة كتاب مجتمعين، والخطأ في فهم الجماعة أقل منه في فهم الواحد، فقد أقرأ وحدي وأخطئ في الفهم، فسأعقد حلقة ودرساً مع أصحاب لي ونقرأ، وإذا حدث خطأ في الفهم سيكون أقل، وحصلنا بركة الاجتماع وبركة الحلقة وأجر الحلقة، وأحيينا منهج السلف على حسب استطاعتنا في قضية التدريس والحلق، قالوا: تدريس بالإنترنت، نقول: الحلق لا بد منها تربوياً، لا تفكر بتربية من غير حلق، هذه قاعدة ومسلمات لا يمكن التغاضي عنها.