[مقاومة الزوجين للمنكرات التي تحدث في الأعراس]
ومن الأمور السيئة في عصرنا الإسراف في الولائم، كما أن من العادات السيئة الإسراف في المهور والمغالاة فيها، وكثيرٌ من الزيجات لا يُبارك فيها مما يحصل في الحفلات من الإسراف وغيره، وهي معصية، فيبدأ دخوله بالحياة الزوجية بمعصية، ولا بد أن يكون العرس خالياً من المعاصي، وقد يقول الشاب: أنا أضمن صالة الرجال، لكن كيف لي أن أضمن ما يحدث في صالة النساء، فإن أهلها قد يأتون فجأة بفرقة ونحوها من الأشياء التي لا تضمن، لا أضمن أنهم يغدرون بي مثلاً، أو أن أمي قد هددت بفعل كذا، أو أنها تريد أن تفعل هكذا ونحو ذلك، ويقولون: أنت افرح على ما تريد ونحن نفرح على ما نريد، وقد تكون هذه الفتاة المتدينة الملتزمة زوجته لا طاقة لها ولا قدرة على الإنكار وإيقاف المنكر، فماذا يفعل الإنسان؟ المهم أن يكون من البداية قد حرص على قضية اجتناب المنكرات، وأن يشرف بنفسه على تحضير عرس النساء ما أمكن، ليعرف ماذا سيحل وماذا سيوجد؛ لأن كثيراً من الشباب يأمنون في ذلك ثم يفاجأ بأنه قد حصل منكرات في صالة النساء.
ولا بد من تعاون الطرفين هو وزوجته في مقاومة هذه المنكرات وخصوصاً عند النساء، وأنا أدعو إلى اختيار الأراضي المفتوحة لإقامة الأعراس فيها فإنها خيرٌ وأكثر بركة من الفنادق والصالات التي تنفق فيها الأموال الطائلة، من عدة جهات: أولاً: هي من الاقتصاد وليس فيها إسراف في الغالب، فهي خيامٌ وأنوار وزينات وكراسٍ أو فرش وعشاء.
ثانياً: أنها أقرب إلى السنة في إعلان النكاح؛ لأنها في مكان مكشوف يراه الناس في الشارع الغادون والرائحون، فلذلك لو جعل فيها عرس الرجال لكان أمراً طيباً من باب محاربة الإسراف في الصالات والفنادق.
والإنسان أو الشاب في الغالب يستدين وهذا طبيعي أن يستدين في هذا الزمان لكثرة النفقات، لم يكن عند الأولين شقق مستأجرة بكذا وكذا، وأفران وثلاجات وغسالات ونشافات وموكيت وكنب وغرفة نوم وما إلى ذلك من الأشياء الكثيرة الموجودة، فهو في الغالب سيضطر للاستدانة، لكن هناك فرق بين من يسرف ويركب على نفسه ديناً عظيماً، وبين من ينفق مقتصداً دون بخلٍ، فلو صار عليه شيء من الدين يعينه الله عز وجل، لكن يستدين الآلاف المؤلفة، بعضهم يستدين بالربا فكيف سيوفق في زواجه؟ وبعض الناس الذين ينفقون أموالاً طائلة ويتزوج ثم لا يستطيع أن يقضي دينه يعيش عيشة ضنك وشدة مع زوجته.
وكذلك إذا حصل خلاف ربما يقول لها: دفعت فيك كذا وكذا، توبيخاً وإهانة، هو الذي دفع وهو الذي تكلف هذه التكاليف، وإذا كان أهل زوجته أرغموه على أشياء من هذا يصب جام غضبه على ابنتهم فيكونون شركاء في الإثم، وسبب لما سيحدث بعد ذلك من الإخفاق.
والإنسان لو اتقى الله يوفقه الله بزوجة مئونتها قليلة؛ لأن من بركة المرأة تيسير صداقها، هذا من بركة المرأة، والذين يطلبون من الزوج هذه الأشياء الكثيرة لا شك أنهم يجرمون في حق ابنتهم في المستقبل، وإذا اتقيت الله يا أيها الشاب وخفته وعملت في طاعته فإنه يوفقك لأهل امرأة لا يطلبون منك الكثير، وقد أتاك نبأ تلميذ سعيد بن المسيب الذي ماتت زوجته ففقده شيخه سعيد، فلما عرف أن زوجته قد ماتت أتاه في بيته، وقال: ما حدث؟ فعلم منه الخبر، فقال: اتبعني فتبعه فأدخله على ابنته فزوجها إياه وكان فقيراً وكانت من أجمل النساء وأعلمهن، ثم أتى بها إليه وقال: كرهت أن تبيت أعزب، فأصلحتها أمها وزينتها ودخل بها، عقد له عليها ويسر له الأمر في ليلة واحدة، فإذا كان هناك تقوى من الله يمكن أن تتزوج في فترة وجيزة بمئونة قليلة، هذا توفيق من الله.
وكذلك فإنه ليس من المنصوح به أن تطول الفترة بين العقد والدخول، فحتى أن العلماء قالوا في أكثر مدة ينقطع بها الرجل عن زوجته: أربعة أشهر، وقال بعضهم: ستة أشهر، قالوا: وهذا يدخل فيه بداية النكاح، أي: لو عقد على امرأة ولم يدخل بها مدة طويلة تجاوزت ستة أشهر فيجوز لها طلب الفسخ، يعني: المدة هذه التي هي أكثر مدة يسمح بها للزوج أن يبتعد عن زوجته داخلة حتى في بداية العقد ولذلك لا ينصح بطول المدة؛ لأن كلاً منهما ينظر إلى الآخر، فطول المدة هذا إلى يجر سيئاتٍ كثيرة.
وعلى الشاب أن يستغل الفرصة بين العقد والدخول لأجل تثقيف زوجته وتعليمها، فيعطيها من هذه الكتيبات أو الكتب إن كانت تطيق القراءة والأشرطة الطيبة عن الخشوع في الصلاة وصفة الصلاة وصفة الوضوء، وفتاوى النساء، ومقومات الحياة الزوجية، وكيف تقضي وقتها، وآداب الزيارة بين النساء، وأحكام العشرة الزوجية يجهزها للمستقبل.