ثم يقول الله عز وجل:{إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[الحجرات:١٣] هذه قاعدة عظيمة جليلة من قواعد المجتمع الإسلامي يوضحها الله جل وعلا هنا في هذه السورة العظيمة، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهو الذي شرحت سنته كتاب الله وفصلته وبينته- يقول في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه:(إن الله قد أذهب عنكم عُبِّية الجاهلية -العبية هي: الكبر، أي: إن الله قد أذهب عنكم بهذا الدين وبهذا القرآن الكبر الذي هو سمة من سمات أهل الجاهلية -وفخرها بالآباء، مؤمنٌ تقي وفاجرٌ شقي-أي: هناك قسمان: مؤمنٌ تقي وفاجرٌ شقي- أنتم بنو آدم، وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوامٍ إنما هم فحمٌ من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن).
(ليدعن رجال فخرهم بأقوامٍ إنما هم فحم من فحم جهنم) بعض المسلمين آباؤهم كفار جاهليون، ومع ذلك يتفاخرون بآبائهم، وآباؤهم جاهليون وكفار، وهم فحمٌ من فحم جهنم، فكيف يتفاخر الإنسان المسلم بأبٍ له، أو جدٍ له من أهل الكفر؟ ولذلك قال صلى الله عليه وسلم مهدداً هذا الصنف الذي لا يرعوي ولا ينزجر:(أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن).