وكذلك من الضوابط الشرعية المهمة التي وردت في معاشرة الرجل لزوجه، مما يساعد على معاشرة الزوجة بالمعروف: أن يتذكر حسنات زوجته: وهذا الأصل وضحه عليه الصلاة والسلام بقوله في الحديث الصحيح: (لا يفْرِك مؤمنٌ مؤمنة -يعني: أي لا يكره- إن كره منها خُلُقاً رضي منها آخر، أو رضي منها غيره).
قال النووي رحمه الله في شرح الحديث: أي: ينبغي ألا يبغضها؛ لأنه إن وجد منها خُلُقاً يكرهه، وجد فيها خُلُقاً مرضياً يقبله، كأن تكون شرسة في الخُلُق لكنها ديِّنة -يعني: ذات دين جيد-.
وربما يكون فيها تقصير في الخدمة، لكن فيها جمال وعفة، وربما يكون عندها شيء من عدم الفطنة؛ لكنها رفيقة ومتحببة.
إذاً: من الأشياء المهمة أن يتذكر الرجل حسنات زوجته؛ لأن تذكر الحسنات يطغى على السيئات، ويغطي التقصير، فلا يصح للزوج أن يركز نظره على الجانب الكريه من الزوجة، وينسى الجانب المضيء منها، لا يركز على الجانب المظلم، وينسى الجانب الطيب، عليه أن يستحضر حسناتها معه، وهو ينظر إلى سيئاتها معه أيضاً.
إن هذا الاستحضار المزدوج يمكن أن يُسْتَشَف من قوله تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}[هود:١١٤].
والله تعالى قال:{وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}[المطففين:١].
فإذاً: العدل يقتضي ألا نغمض أعيننا نحن الأزواج عن حسنات المرأة إذا صدر منها أمر سيئ؛ لأننا إذا كرهنا منها خُلُقاً وجدنا منها خُلُقاً آخر مرضياً، وأن نعلم أنها امرأة غير معصومة من الخطأ، وأن الله عفو يحب من عباده أن يتشبهوا بما يجوز لهم التشبه فيه من صفاته، مثل: العفو، والكرم.
المخلوق عليه أن يقتبس من صفات الخالق التي يجوز له أن يقتبس منها لنفسه؛ ولذلك يكون الزوج عفواً كريماً.
وقال القرطبي رحمه الله: يغفر سيئتها لحسنتها، ويتغاضى عما يكره لما يحب.