وحرصاً على إيصال الفكرة الصحيحة المُرادة، ونفي الخواطر غير الصحيحة المتَوَّهَمَة، أذكر ما يلي في نقاط سريعة: كانت المحاضرة الماضية هزة للذين يخادعون أنفسهم بأنهم طلبة علم وليس عندهم من العلم إلا النزر اليسير.
وكانت المحاضرة الماضية تنبيهاً بأن طلب العلم مسألة شاقة وعسيرة، وأنها تحتاج إلى مجاهدة ومجالدة، وأنها تحتاج إلى صرف الأوقات والأعمار، وأن العلم غزير وكثير، إذا أعطيته كلك أعطاك بعضه.
وهذا كان مقصد من المقاصد الأساسية في المحاضرة وهو: الحث على الجدية، واستثمار الأوقات، وأن طلب العلم ليس شيئاً سهلاً يناله كل أحد، وأن من قرأ كتاباً أو كتابين أو حضر درساً أو درسين أصبح طالب علم.
وكانت المحاضرة تنبيهاً قوياً إلى بعض أصحاب الدراسات الدنيوية من أصحاب الشهادات العليا في العلوم الدنيوية- المتسلطين على العلم الشرعي بأهوائهم، والمتحكمين في أقوال العلماء بعقولهم القاصرة، التي لم تتشكل بالعلم الشرعي، وإنما غرور الشهادة الدنيوية جعلتهم يظنون أنهم يفهمون كل شيء، حتى الفتاوى والأحكام الشرعية.
فهؤلاء لا بد أن يعرفوا حدودهم، ويعرفوا ما هو المنهج الصحيح في الطلب، وما هو موقعه بالنسبة للطلب، وبالنسبة لأهل العلم، ومَن تكلم في غير فنه أتى بالعجائب.
ومن المقاصد في عرض الموضوع: الحث على تلقي العلم الشرعي عن أهله المختصين ما أمكن ذلك إن وجدوا.
وتلقي باقي التصورات الإسلامية عمَّن يجيدها أيضاً.
وتلقي الأدب عمَّن هو مشتهر به ومعروف وهكذا.
وإن اجتمعت في شخص واحد فهذه النعمة، وإذا لم يوجد من أهل العلم المتخصصين مَن يمكن الوصول إليه والتتلمذ على يديه فلا بد من التعاون على دراسة الموضوعات الشرعية المختلفة، مع الأمثل فالأمثل.
وقد تقدم أن المذاكرة الجماعية تقي الفرد كثيراً من الانحرافات في التلقي والخطأ في الفهم.