للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الله جل وعلا يأمرنا بالاعتبار من واقعنا]

وهذه الآيات مهمة بالنسبة للذين لا يعتبرون: {وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ} [الإسراء:٦٧] لا أحد أبداً تدعونه إلا الله عز وجل، {ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً} [الإسراء٦٧].

انظر الآن إلى المناقشة: أنت يا أيها الذي نجوت الآن من البحر!! يا أيها الناجون الذين أشركوا وأعرضوا بعد نجاتهم -بدلاً من أن يقابلوا نعمة النجاة بشكرٍ لها؛ من الإقبال على الله وترك المعاصي أعرضوا- أنتم أيها المعرضون بعد النجاة: {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ} [الإسراء:٦٨] هل إذا رجعت إلى البر لا يستطيع الله عز وجل أن يخسف بك البر؟! ويزلزل بك الأرض؟ بل يستطيع سبحانه وتعالى، فهو على كل شيء قدير: {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام٦٥] {أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ} [الإسراء:٦٨] أنتم الذين نجوتم وأشركتم، بعد أن خرجتم إلى اليابسة، وقلتم الآن وصلنا إلى بر الأمان، أتضمن ألا يخسف بك جانب البر: {أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً} [الإسراء٦٨] مطر فيه حجارة: {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً} [الإسراء٦٨].

سبحان الله العظيم! ربنا عندما يناقش هؤلاء الناس فإن المناقشة في الصميم، لكن المشكلة عدم وجود الذي يعتبر ويفهم؟ {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى} [الإسراء:٦٩] أي: هل لن تركب البحر أبداً؟ ألن تعرض لك حاجة وتركب البحر مرة ثانية؟! ممكن: {أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفاً مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ} [الإسراء:٦٩] إي والله قد يرجعك مرة ثانية في البحر، لكن هذه المرة يرسل عليك قاصفاً من الريح، فيهدم صواري السفن، ويغرق المراكب {ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعاً} [الاسراء:٦٩] أي: لا تجدوا أحداً يأخذ بثأركم.

ولذلك هناك أناس اعتبروا من هذه المواقف، وإليكم مثالاً على ذلك: