عباد الله: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد بين أن الماء طهور لا ينجسه شيء، وأن الماء إذا بلغ قلتين لا ينجس، ومعنى ذلك أن الماء إذا لم يزل أحد أوصافه ويتغير بنجاسة، فإنه باق على طهارته، وخصوصاً إذا كان كثيراً كالقلتين:(إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث) وأما إذا حصل تغير في لونه أو طعمه أو ريحه، فإن تطهير المياه النجسة يكون بأشياء، كصب الماء عليها ومكاثرتها بالماء حتى يزول التغير، أو نزح بعض الماء الذي فيه النجاسة حتى يزول التغير، ولو زال التغير بنفسه عاد الماء طهوراً.
وقد ذهب العلماء رحمهم الله إلى أن البئر إذا حصلت فيها نجاسة يكاثر بالماء، فيزاد عليه ويصب فيه حتى يزول أثر النجاسة، أو إذا نبع فيه الماء واستمر في النبع حتى زال أثر النجاسة عاد طهوراً وجاز الوضوء منه.
وأما الغسالة التي يوسوس فيها كثير من الناس بسبب الماء المنفصل عن الشيء المتنجس إذا غسل، فأقول: إذا غسلنا ثوباً نجساً، فانفصل عنه ماء الغسالة، فإذا كان ماء الغسالة متغيراً بالنجاسة بلون أو طعم أو ريح، فإنه نجس، أما لو نزل من الثوب ماء نظيف ليس فيه أثر للنجاسة، فإن ماء الغسالة في هذه الحالة ماء طهور، فلا توسوس -يا عبد الله- فيما انفصل عن البدن أو الثوب عند غسل النجاسة إذا كان لم يتغير بشيء.