جاءت رسالة من الفلبين إلى الشيخ من امرأة تقول: زوجي مسلم، أخذه النصارى وألقوه في بئر، وأصبحت أرملة وأطفالي يتامى، وليس لي بعد الله جل وعلا أحد، فسألت من يتحمل ومن يساعد؟ فقالوا لي: اكتبي للشيخ عبد العزيز بن باز ليساعد في ذلك، فلما قرأ الشيخ الخطاب وتأثر كتب للإدارة بالمساعدة، فلما جاءه الجواب أنه لا يوجد بند لذلك، قال: اخصموا من راتبي نفقة هذه المرأة، وأرسلوها فوراً.
لم يعلن القصة على الملأ، وإنما قالها الخاصة الذين عرفوا بها.
إن علمه وصل وانتشر في العالمين شرقاً وغرباً، حتى أن بعض الدعاة لما دخل في بعض بلاد أفريقيا وجد عجوزاً، فقالت: من أين أنتم؟ فقلنا لها عبر المترجم: من بلاد السعودية.
فقالت: بلغوا سلامي إلى الشيخ ابن باز، هكذا حصل من نشر صيته في الأرض، والله إذا رضي عن عبد وضع له القبول في الأرض.
عباد الله: إن ذلك الشيخ كان أمة في الأعباء التي يقوم بها، يبدأ يومه قبل الفجر بالاستيقاظ في الثلث الأخير من الليل، فيصلي ما كتب الله له أن يصلي، ويستغفر؛ لقوله تعالى:{وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ}[آل عمران:١٧] وبعد صلاة الفجر يحرص على قراءة الأوراد، ولا يكاد يجيب أحداً حتى يقرأ الأوراد كلها، ثم يبدأ الدرس، فيقرءون عليه حتى ساعة متأخرة من الضحى، ثم يتوجه إلى العمل للإجابة على المعاملات والأسئلة الواردة من الأقطار الأخرى، وقضايا أصحاب الحاجات والشفاعات، ثم بعد ذلك يتوجه إلى بيته فيرتاح قليلاً، ثم يدخل للإجابة على الهاتف، ثم يتغدى مع الضيوف، لم يكن يتغدى وحده رحمه الله تعالى.
ثم بعد ذلك راحة إلى صلاة العصر، وبعدها أعمال خاصة له وبمكتبه، ثم بين المغرب والعشاء الإجابات على الأسئلة وهكذا بعد العشاء يلقي الكلمات في المساجد، ويحضر الندوات، ويحضر المحاضرات، كانت أعماله متوالية، وكان حريصاً على صيام يومي الإثنين والخميس، وحضور دروس الفجر، ودعوة زواره، يستقبل الوفود من البلدان المختلفة، وينجز المعاملات، وهو رحمه الله تعالى يدعو غير المسلمين للإسلام، ويأتي بالمترجمين ليقول ما يريد أن يقوله لهم حتى لم يكد يخلو يوم من أناس يسلمون بين يديه لا يقلون عن خمسة.
هذا أبو عبد الله أمة بعمله، جماعة بمفرده، رحمه الله تعالى وجعل الجنة مثواه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.