وأيضاً: أول كلمة قالها لما أخذ الحجر: (اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك) كلمة: اللهم، تعني: أن الغلام لما نطق بالكلمة أقر ضمنياً بأن هناك إلهاً موجوداً، ولذلك يسأل الله يقول:(اللهم إن كان أمر الراهب) هذا نتيجة التعليم الذي تلقاه ونتيجة التربية على العقيدة، فرسخت في نفسه فظهرت النتيجة، عرف لمن يتوجه (اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك) وهذه القضية -أيها الإخوة- وجود الله عز ووجل مرتكزة في الفطرة، ولا يمكن أن يجحد بها أي واحد، حتى الشيوعي الكافر يعلم بداخل فطرته أن الله موجود، لكنه يعاند ويكابر، فطرته تخبره بأن هناك خالقاً، وهذه حادثة تروى أن أحد الملحدين تناقش مع موحد مسلم فالموحد المسلم يقول للشيوعي يجادله: هناك خالق والطبيعة ما خلقت، ولا يمكن للطبيعة أن تخلق، الله الذي خلق كذا وكذا، وذاك الشيوعي يقول: مستحيل، لا يوجد خالق، ولا يوجد دين، والطبيعة هي التي خلقت، ونحن جئنا من الطبيعة، فلما احتدم النقاش بينهما وثارت ثائرة ذاك الملحد، فقال في عرض الكلام للمسلم: والله ما الطبيعة خلقتنا، فيقولون: إنه في عرض كلامه حلف بالله أن الطبيعة ما خلقت، يقول الله تعالى:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً}[النمل:١٤] جحدوا بحقيقة الألوهية وهم مستيقنون، لكنهم يجحدونها بألسنتهم لماذا؟ لسببين: الظلم والعلو، وهنا في الحديث يقول:(فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس) فالآن الغلام سأل الله عز وجل أن يقتل الدابة لكي يعرف الحق، أو لكي يمضي الناس؟ فهنا قالوا في شرح الحديث: يحتمل أن تكون (حتى) هنا علة لل
السؤال
يعني سبب الطلب من الله عز وجل، فيكون اجتمع الأمران: أمر لنفسه يريد أن يعرف الحق، وأمر آخر: من أجل مصلحة الناس أنهم يمروا، وقيل: إن ما بعد (حتى) غاية للسؤال وليس علة له، يعني: الذي أثار السؤال أمر الراهب والساحر، وغاية السؤال مصلحة الناس حتى يمروا، المهم أن المعنى متقارب وليس ببعيد، وفي قول الغلام:(حتى يمضي الناس) إشارة إلى حب هذا الغلام لمنفعة قومه، ولم يكن أنانياً ويريد أن يبقى في الحق والناس يصير فيهم ما يصير، لكن ما دام يمكن أن يجتمع الأمران أن يعرف الحق وينفع الناس، فلذلك قال في دعائه:(فاقتل هذه الدابة حتى يمضي الناس) فيها فائدة أخرى.