الحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا أشرك به أحداً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى سبيل الله ورضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأعوانه، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم نلقاه.
أيها الإخوة! أيها الشباب! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وتحية طيبة لكم أيها الحاضرون والمستمعون في هذه الليلة ونقف وقفة حساب مع أنفسنا، والمؤمن يحاسب نفسه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ}[الحشر:١٨].
عنوان درسنا من باب المحاسبة: لماذا لا نطبق ما تعلمناه؟! كم خطبة حضرنا؟ كم كتاباً أو ورقة قرأنا؟ كم شريطاً سمعنا؟ كم نصيحة إليها أصغينا وأسديت إلينا؟ كم ختمة ختمنا؟ فكم من ذلك عقلنا؟ وكم من المضمون طبقنا؟ كم أمراً فيها نفذنا؟ وكم نهياً فيها اجتنبنا؟ لماذا ندعى إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم فنتولى ولا نعمل؟ لماذا تقرأ علينا الآيات التي لو أنزلت على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله، ثم لا نتعظ ولا نتأثر؟ نجد أحياناً أنفسنا نمر بموقف ولا نعمل بالحكم الذي نعمله في هذا الموقف، أحياناً نذهل عنه، وأحياناً نتذكره، ولكننا نتقاعس ونتكاسل، لماذا نجد كثيراً من الناس يحملون شهادة شريعة وحصلوا أشياء من العلم، وآخرين حفظوا متوناً وقرءوا كتباً وحضروا حلقاً، وكثيراً من الشباب فعلوا ذلك، لكن أثر العلم لا يظهر عليهم، لا في سمتهم ولا في طريقتهم، ولا في أخلاقهم؟ لماذا نقصر في الواجبات ونسيء، ونفرط كثيراً في المستحبات ونتقاعس؟ للإجابة على ذلك وإيضاح الأسباب والعلاج كانت هذه الكلمة التي أسأل الله أن ينفعني وإياكم بها إنه سميع قريب.
إخواني! إن العمل يكون له دافع من حرارة الإيمان، فإذا كان الإيمان ناقصاً بارداً لا يدفع الإنسان للعمل، لقد نادانا الله بوصف المؤمنين:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا}[النساء:١٣٦]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ}[الصف:٢]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ}[آل عمران:١٠٢] نادانا بالإيمان لكي ننطلق منه للعمل، ربما لا يكون عندنا الجدية الكافية التي تدفعنا للعمل، جمهور الخطب والدروس ليس كلهم يأتي بنفسية التلقي للتنفيذ.