كثيراً ما تكون عدم وجود القناعة في الالتزام بالإسلام مانعاً من التطبيق، فبعض الناس يقول: عليَّ ضغوط ولا أستطيع أن أنفذ.
يا أخي قاوم، بعض الناس يقنع بالتحسن التدريجي، يقول: أنا سأضع خطة خمسية للالتزام بالإسلام، يمكن تموت في السنة الثالثة أو الرابعة، من أعطاك ضماناً بأنك ستعيش حتى تنفذ كل الخطة.
إذاً يا إخوان! لا يصح أبداً أن نقبل خداع أنفسنا لأنفسنا، خداع النفس بالنفس مصيبة كبيرة، بعض الناس يتخيل أنه لا يمكن أن يفارق منكراً من المنكرات، وإذا قيل له: جهاز اللهو هذا الذي وضعته في بيتك، يقول: ما هو البديل؟ وإذا أخرجته كيف سأصرف وقتي؟ وماذا سيقول عني الناس وأهلي وأولادي وزوجتي؟ ويضخم القضية وفي النهاية يترك تنفيذ الحكم الشرعي، سبحان الله! وبعض الناس يقول: أريد أن أتدرج في تخفيف المنكر، ثم يبقى فترة طويلة من الزمن ولا يتخلص من المنكر، الشيطان يضخم المشكلة التي تنتج عن ترك الحرام، ويضخم العوائق، توكل على الله وأخرج المنكر والله يعينك، وينزل معونته على قدر مئونتك، وستشعر مع التنفيذ بحلاوة، وسيعينك الله على مواجهة الانتقادات، وعلى الصبر على الأذى، ويرتفع إيمانك وترزق حلاوة له، وعند ذلك تستطيع المقاومة والصمود والاحتمال، ثم أنت لو فشلت، على الأقل أنت خضت التجربة، وبذلت محاولة، أليس خيراً ممن لا يبذل شيئاً؟ أيها الإخوة! الشيطان حريص على أن يصرفنا عن تنفيذ الأعمال وتطبيق ما تعلمناه، منية الشيطان ألا ننفذ، عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(خصلتان، أو خلتان لا يحافظ عليهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، هما يسير ومن يعمل بهما قليل، تسبح الله عشراً، وتحمد الله عشراً، وتكبر الله عشراً في دبر كل صلاة، فذلك مائة وخمسون باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وتسبح ثلاثاً وثلاثين، وتحمد ثلاثاً وثلاثين، وتكبر أربعاً وثلاثين، إذا أخذ مضجعه، فذلك مائة باللسان وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم ألفين وخمسمائة حسنة؟ قالوا: يا رسول الله! كيف هما يسير ومن يعمل بهما قليل؟ قال: يأتي أحدكم الشيطان إذا فرغ من صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا، فيقوم ولا يقولها- السيارة واقفة خطأ اطلع بسرعة، ينتظرونك في البيت، الآن يأتي فلان ولا يجدك قم بسرعة- فإذا اضطجع - أي: للنوم- يأتيه الشيطان فينومه قبل أن يقولها، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن في يده) رواه الإمام أحمد.
وفي رواية لـ ابن ماجة، قال:(يأتي أحدكم الشيطان وهو في صلاته، يقول: اذكر كذا وكذا، حتى ينفك العبد لا يعقل، ويأتيه وهو في مضجعه، فلا يزال ينومه حتى ينام) إذاً الشيطان يأتي يهدهد على الإنسان يريد أن ينومه بسرعة قبل أن يقول الأذكار، ولذلك هناك ناس فعلاً، يقول: والله يا أخي أني أحاول أن أقول الأذكار قبل النوم، وأنا أعرف أن هذا ذكر عظيم، سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر أربعاً وثلاثين قبل النوم، لكن ما أن أضع رأسي على الوسادة إلا وأذهب في الشخير والنوم العميق، لاحظ الحديث يقول:(فلا يزال ينومه حتى ينام) فإذا تسلح الإنسان بالإرادة والعزيمة والتوكل على الله؛ طبق ونفذ ولم يجعل للشيطان عليه سبيلاً.