للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وجوب معرفة نبذة عن أسباب الخلاف]

خامساً: يجب على العامي أن يعلم نبذةً عن أسباب الاختلاف بين العلماء، لأن العامة الآن يسألون علماء أو مشايخ، ويسمعون فتاوى العلماء، فإذا جاء مثلاًً في قضية قراءة الفاتحة في الصلاة الجهرية خلف الإمام، سمع عالماً يقول: يجب أن يقرأ، ثم سمع عالماً يقول: لا يجب أن يقرأ، بل ربما قال: لا يجوز أن يقرأ وعليه الإنصات، يأتي في زكاة الحلي، ويسمع شيخاً يقول: تجب الزكاة في الحلي، ثم يسمع مفتياً آخر يقول: لا تجب إذا كان مستعملاً، أو يجب في العمر مرة، وهكذا حال كثير من المسائل الخلافية، فالعامي إذا لم يكن يعلم نبذة من أسباب خلاف العلماء يتيه ويضيع، ويقول: ضيعونا العلماء، هذا الدين أصبح صعباً، العلماء لماذا يختلفون؟ لماذا صار الدين هكذا؟ وبالتالي يتصور الدين تصوراً عجيباً، لكنه لو علم أن أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام قد اختلفوا، وأن الخلاف من طبيعة البشر، وأن أفهام العلماء تتفاوت، وأن العالم الفلاني قد يصل إليه الدليل، وعالم لا يصل إليه الدليل، عالم يصح عنده الدليل وعالم لا يصح عنده الدليل، عالم يفهم الدليل من جهة والآخر يفهمه من جهة أخرى، عالم يظن أن هذا هو الناسخ والآخر المنسوخ، وعالم ينظر أن العكس هو الصحيح، والخاص هو العام، والعام هو الخاص، فإذاً هذا الاختلاف طبيعي في أفهام البشر، ومادام أنهم كلهم ثقات وعلماء، فإذاً من الطبيعي أن يختلفوا، واختلافهم مقبول، وعلى العامي أن يتحرى الأعلم ليسأله.