ولذلك -أيها الإخوة- كان لعلمائنا الأجلاء فضل عظيم في الوقوف أمام ظلمات الفتن والأهواء والبدع، فهذا الإمام أحمد رحمه الله تعالى قام في وقت عصيب قد طغت فيه البدعة على السنة، عقد المبتدعة ألوية بدعتهم وقاموا فيها وأعلنوها واستعلنوا بها، فمن الذي رد الناس كلهم إلى الحق مثل الإمام أحمد.
وعندما غزا التتر بلاد الإسلام وولغوا في دماء المسلمين، من الذي أنقذ الله الأمة على يديه؟ إنه مجدد الأمة في عصره الإمام ابن تيمية رحمه الله، فالعالم -أيها الإخوة- في البلد كمثل عين عذبة يرتوي منها كل الناس، وكان علماؤنا في الماضي لهم مكانة عظيمة، وكانت مجالسهم في مدن المسلمين مشهورة مزدحمة، فهذا مجلس عاصم بن علي شيخ البخاري كان يحضره ما يزيد على سبعين ألف إنسان، وكان من ضخامته أنه يكون فيه أناس يسمعون غيرهم، لأن هؤلاء السبعين ألفاً كانوا لا يستطيعون كلهم السماع مباشرة.