للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[آداب الصدقة]

الحمد لله رب العالمين، الحمد لله الذي أمرنا في كتابه بالصدقة ودعانا إليها وحثنا عليها، فقال: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:٢٦٢] وصلى الله وسلم على نبينا محمد الذي أمرنا بالصدقة وحثنا عليها، فقال في خطبته: (أما بعد: فإن الله أنزل في كتابه: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [النساء:١] إلى آخر الآية، وقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ} [الحشر:١٨] إلى قوله تعالى: {هُمُ الْفَائِزُونَ} [الحشر:٢٠] ثم قال عليه الصلاة والسلام: تصدقوا قبل أن تصدقوا؛ تصدق رجل من ديناره، تصدق رجل من درهمه، تصدق رجل من بره، تصدق من تمره، من شعيره، لا تحقرن شيئاً من الصدقة ولو بشق تمرة) رواه مسلم.

حديثنا أيها الإخوة! عن "صدقة نقية من نفس تقية".

ما هي آداب الصدقة؟ ما هي شروطها؟ ما هي مجالات الصدقة؟ ما هي بعض الأحكام المتعلقة بالصدقة؟ أما آداب الصدقة: فإن الله سبحانه وتعالى يقول في آدابها وشروطها، وما يتقبل منها: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:٢٦٢]، وقال عز وجل: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} [البقرة:٢٧٤]، وقال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [البقرة:٢٤٥]، وقال سبحانه: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد:١١].

هذه الدعوة من الله {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} [الحديد:١١] إذا علم المقرض أن المقترض مليء غني ووفي ومحسن؛ كان ذلك أدفع له للصدقة، وأطيب لقلبه ولسماحة نفسه إذا علم المقرض أن الذي اقترض منه مليء، فهذا يدفعه إلى الصدقة إذا علم أن الذي يقترض منه يتاجر له فيها، وينميها له، ويثمرها حتى تصير أضعافاً مما كانت قبل سيكون بالقرض أسمح وأسمح، فإذا علم أن المقترض مع ذلك سيزيده من فضله ويعطيه أجراً آخر غير القرض الذي اقترضه، ليس فقط يرده إليه ويضاعفه وينميه وإنما سيعطيه شيئاً إضافياً عليه، لا شك أنه سيكون في ثقة وضمان، وأنه سيندفع إليها أكثر وأكثر، والله سبحانه وتعالى هنا قد أخبر: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [الحديد:١١] من المقترض؟ الله.

هذه منة منه سبحانه وتعالى على عباده: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ} [الحديد:١١] ينميه ويثمره الغني ثم يعطيه، بالإضافة إلى ذلك أجر آخر غير أجر الصدقة {فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد:١١] غير الصدقة له أجر كريم.

والله عز وجل قد بيَّن لنا في هذه الآيات -التي سبق ذكرها- آداب الصدقة: أولاً: أن تكون من مالٍ طيب لا رديء ولا خبيث.

ثانياً: أن تخرج طيبةً بها نفس المتصدق يبتغي بها مرضات الله.

ثالثاً: ألا يمن بها ولا يؤذي.

قال سبحانه: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلا أَذىً لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ)) [البقرة:٢٦٢]، ((الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً} [البقرة: ٢٧٤]، {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً} [الحديد:١٨].

فتأمل يا أخي المسلم هذه الآداب الثلاثة: الأول: يتعلق بالمال أن يكون طيباً.

الثاني: يتعلق بالمنفق بينه وبين الله، أن يكون مبتغياً مرضات الله طيبةً بها نفسه.

الثالث: شيء يتعلق بينه وبين الآخذ، وهو ألا يمن ولا يؤذي.