كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصاً على الصدقة، مسارعاً إليها، فقد روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه: عن عقبة بن حارث، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم العصر فأسرع، ثم دخل البيت، فلم يلبث أن خرج، فقلت، أو قيل له -أي: عن سبب هذا الإسراع- فقال: كنت خلّفت في بيتي تبراً من الصدقة، فكرهت أن أبيته فقسمته) أراد أن يتخلص من هذا الذهب الباقي.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم حاثاً على الإسراع فيها:(تصدقوا؛ فإنه يأتي عليكم زمانٌ يمشي الرجل بصدقته فلا يجد من يقبلها، يقول الرجل المعطى: لو جئت بها بالأمس لقبلتها، فأما اليوم فلا حاجة لي بها) هذا في بعض الأزمنة يسود الرخاء، فلا يأخذ الناس الصدقات.
وكذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة قبل أن يأتي الموت، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال: أن تصدق وأنت صحيحٌ شحيحٌ تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل -لا تؤجل- حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان: كذا وكذا، ولفلان: كذا وقد كان لفلان) إذا بلغت الروح الحلقوم صار المال من حق الورثة، وتعينت أنصبتهم ومقاديرهم وصار المال لهم، الآن إذا بلغت الروح الحلقوم قلت: أعطوا هذا وأعطوا هذا وأنفقوا هنا وهناك، خير الصدقة أن تتصدق وأنت صحيح لست مريضاً ولا على فراش الموت، شحيح، أي: تخشى الفقر وتأمل الغنى، ويكون فيك حرص على المال، ومع ذلك تنفق في سبيل الله سبحانه وتعالى.