[من آداب الطعام والشراب]
ثم قال رحمه الله:
ويكره نفخٌ في الغدا وتنفسٌ وجولان أيدٍ في طعامٍ موحدِ
فإن كان أنواعاً فلا بأس فالذي نهى في اتحادٍ قد عفا في التعددِ
سبق في آداب الطعام أن الإنسان يأكل مما يليه، فإذا كان الطعام مختلفاً كالفاكهة المتنوعة، فيجوز أن يأخذها مما لا يليه.
وأخذٌ وإعطاءٌ وأكلٌ وشربه بيسراه فاكره ومتكئاً ذُدِ
فالأكل والشرب والأخذ والإعطاء باليسار من فعل الشيطان فلا تفعله.
وأكلك بالثنتين والأصبع اكرهاً ومع أكل شين العرف إتيان مسجدِ
الأكل بالأصبع الواحدة والثنتين كبر، وبالثلاث سنة، (ومع أكل شين العرف): الرائحة الكريهة، لا تأت المسجد إذا أكلتها.
ويكره باليمنى مباشرة الأذى وأوساخه مع نثر ما انفه الردي
فإذاً باليمنى لا تخرج الأوساخ ولا تباشر النجاسات ولا تخرج ما في أنفك.
كذا خلع نعليه بها واتكاؤه على يده اليسرى ورا ظهره اشهدِ
أي إذا خلع نعله بدأ باليسرى، وإذا انتعل بدأ باليمنى، والاتكاء على اليد اليسرى وإلقاؤها خلف الظهر قد ورد النهي عنه في سنن أبي داود وهو حديثٌ صحيح.
ويكره في التمر القران ونحوه وقيل مع التشريك لا في التفردِ
أي: إذا كان له شركاء فيه، إما إذا كان يأكل لوحده فلا بأس، وتقدم في آداب الطعام.
وكن جالساً فوق اليسار وناصب اليمين وبسمل ثم في الانتها احمدِ
ويكره سبق القوم للأكل نهمةً ولكن رب البيت إن شاءَ يبتدي
ولا بأس عند الأكل من شبع الفتى ومكروهٌ الإسراف والثلث أكدِ
ويحسن تصغير الفتى لقمة الغدا وبعد ابتلاع ثني والمضغ جودِ
أي: تجويد المضغ من آداب الطعام.
ويحسن قبل المسح لعق أصابعٍ وأكل فتات ساقطٍ بتثردِ
وغسل يدٍ قبل الطعام وبعده ويكره بالمطعوم غير مقيدِ
أي: لا تغسل يدك بالأشياء المطعومة، أما الماء فهو للغسل.
وما عفته فاتركه غير معنفٍ ولا عائبٍ رزقاً وبالشارع اقتدِ
النهي عن عيب الطعام.
ولا تشربن من في السقاء وثلمة الـ إناء وانْظُرَنْ فيه ومصاً تَزَرَّد
أي: لا تشرب من فم الإناء ولا من ثلمته، فالشرب من فيه يسبب رائحة نتنة وإيذاء من بعدك واختلاط الشراب بما يُغير رائحته، وقد تكون هناك حشرة بداخل هذه القربة، ولذلك لا تشرب من الفم مباشرة حتى لا تدخل في الجوف.
فهذه من فوائد عدم الشرب من في الإناء، ألا تنتنه فتؤذي من بعدك، وألا يكون فيه حشرة -مثلاً- فتبتلعها معه.
وأما الثُلم المكسورة فلا تشرب منها؛ فإنها مجتمع أوساخ، وقد يكون فيها جراثيم أيضاً، وكذلك ربما جرح فم الشارب.
(وانظرنَ فيه) أي: تأكد ألا يكون فيه حشرة ونحوها.
(ومصاً تزردِ) أي: لا تعبه عباً، ولكن ارشفه رشفاً رقيقاً ومصه مصاً، فإنه أهنأ وامرأ.
ونح الإنا عن فيك واشرب ثلاثة هو أهنا وامرا ثم ارو لمن صدي
أي إذا شربت الشربة الأولى فنحه عن فيك، ولا تتنفس فيه.