[أمانة حق الزوج]
نوع آخر من الأمانة الآن: أمانة الزوج، المرأة إذا تزوجت دخل في رقبتها نوع آخر من الأمانة أمانة الزوج، اسمعي هذه الأحاديث -يا أمة الله- لكي تعلمي شيئاً عن عظم أمانة الزوج، قال صلى الله عليه وسلم: (اثنان لا تجاوز صلاتهما فوق رءوسهم عبد آبق من مواليه حتى يرجع، وامرأة عقت زوجها حتى ترجع) وفي رواية: (ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم وامرأة باتت وزوجها عليها ساخط) وقال: (إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها، لعنتها الملائكة حتى تصبح) وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئتِ) (لا تنفق امرأة شيئاً من بيت زوجها إلا بإذنه، قيل: ولا الطعام يا رسول الله؟ قال: ذلك أفضل أموالنا) (أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس، فحرام عليها رائحة الجنة) (ثلاثة لا تسل عنهم: رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصياً، وعبد أبق من سيده فمات، وامرأة غاب عنها زوجها وقد كفاها مؤونة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنها) (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها كله، حتى لو سألها نفسها وهي على قتب لم تمنعه) فلو كانت على التنور ما تمنعه وتلبي طلبه، وقال في الحداد: (المتوفى عنها زوجها: لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل) فالمرأة المحدة من حق الزوج أربعة أشهر وعشرة أيام لا تمس طيباً، ولا كحلاً، ولا حناء، ولا أصباغاً، ولا مكياجات، ولا تلبس ثياباً جميلة، ولا تخرج من البيت، ولا تلبس ذهباً ولا حلياً.
(لا تأذن المرأة في بيت زوجها إلا بإذنه) (لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله! إنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا) (لا يحل لامرأةٍ أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه) ما عدا الصيام الواجب.
فإذاً ستة من شوال يجب استئذان الزوج فيها (لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها) (والذي نفسي بيده! لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد، ثم أقبلت تلحسه ما أدت حقه) حديث صحيح.
استشعرت المرأة المسلمة الأولى حق الزوج، فقعدت عنده، وسمعت كلامه، وأطاعت أمره، ولبت طلبه، وقامت بخدمته، وكنست بيته، وطبخت طعامه، وهيأت ثيابه، وربت أولاده، وحفظت بيته أثناء غيابه، هل تعلمين كيف كانت المرأة تحمل أمانة الزوج؟ أخرج الشيخان عن أسماء قالت: [تزوجني الزبير بن العوام وماله في الأرض مالٌ ولا مملوك ولا شيء غير ناضح -جمل يسقي به- وغير فرسه، فكنت أعلف فرسه، وأكفيه مئونته وأسوسه، وأدق النوى لناضحه، فأعلفه وأسقيه الماء، وأغرز غربه -حتى الدلو ترقعه- وأعجن، ولم أكن أحسن الخبز، فكان يخبز لي جارات من الأنصار وكن نسوة صدق، وكنت أنقل النوى من أرض الزبير التي اقتطعه له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي، وهي على ثلثي فرسخ -تنقل النوى من أرض الزبير - قالت: فجئت يوماً والنوى على رأسي، فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه، فدعاني وقال: إخ إخ -يعني: ينيخ راحلته ليركبها- ليحملني خلفه، فاستحييت وعرفت غيرته -أي غيرة الزوج- فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى، فجئت الزبير فقلت: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه، فأناخ لي أركب فاستحييت منه، وعرفت غيرتك، قال الزوج مشفقاً: والله لحملك النوى على رأسك أشد علي من ركوبك معه، حتى أرسل إلي أبو بكر بخادمة، فكفتني سياسة الفرس -فقط- فكأنما أعتقني] هذا رد على كل من يقول: إن خدمة الزوجة لزوجها غير واجبة، بل يروح يأتي بخادمة.
بعضهم من دعاة تحرير المرأة، وبعضهم من الذين يرجمون بالغيب، أو الذين لا يحسنون نقل أقوال الفقهاء يشيعون ذلك، فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم جرت الرحى حتى أثرت في يدها، واستقت بالقربة حتى أثرت في نحرها، وكنست البيت حتى اغبرت ثيابها، تطلب خادماً يقول لها صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم؟ تسبحين الله ثلاثاً وثلاثين، وتحمدين الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبرين أربعاً وثلاثين حين تأخذين مضجعك) رواه مسلم، هذا دليل على أن ذكر الله -يا فتاة الإسلام- يقوي الجسد.
إذاً أمانة الزوج طاعته دوام الحياء منه السكوت عند كلامه الابتعاد عما يسخطه طيب الرائحة له وغض الطرف أمامه، حفظ ماله لا إسراف ولا تبذير، وحفظ سمعته، فكيف تمشي المرأة متبرجة؟ أو كيف تمشي المرأة أو تذهب مع السائق وحدها؟ ماذا يقال عنه؟ يتهم بين الناس لا تدخل أحداً البيت إلا بإذنه تكليم الأجنبي من وراء الباب وبالهاتف بحذر وقيود وحدود وإيجاز على قدر الحاجة، دون لين ولا تكسر.
أمانة الزوج القيام بها في تربية أولادها، التجمل له، إذا نظر إليها سرته، الاعتناء بهندامها عند قدومه من سفره الابتسامة الطيب التجمل تحين الفرصة الملائمة لإخباره بالأشياء المؤلمة والمؤذية، قالت أم سليم لزوجها عن طفلها الميت: (هو الآن أسكن ما يكون) ثم أخبرته في الوقت المناسب.
إذاً ما حال المرأة التي إذا غاب عنها زوجها تلعب من ورائه، وتخرج وتسلم من ورائه، إذا غاب في العمل أو غاب في السفر، إن ذلك خيانة للأمانة -أمانة الزوج وأمانة الزوجية.
أما بالنسبة للفتاة المسلمة التقية النقية الزوجة الصالحة ما الذي يضمن ألا تلعب من وراء زوجها، ولا تكلم أجنبياً ولا تدخله إلى بيت زوجها، أو تخرج هي للفواحش؟
الجواب
حمل الأمانة التي هي موجودة في آية من كتاب الله: {فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ} [النساء:٣٤] حافظات بمعنى إذا غاب الأزواج حفظن أنفسهن، وحفظت فرجها ونفسها.
ثم من قيام حق الزوج الأمانة أن تأمريه بالمعروف، فتأمريه بالصلاة وتوقظينه لصلاة الفجر وصلاة العصر، ولو كان راجعاً من الدوام ومتعب، فإن الرحمة به إيقاظه للصلاة وليس تركه نائماً.
وإذا كان الزوج من أهل السوء والعياذ بالله، إذا كان من أهل الأفلام والمحرمات ومن أهل المسلسلات والصحف الفاسدة والمجلات، إذا كان من أهل رفقاء السوء والألعاب المحرمة، ما موقف الزوجة؟ تأمره بالمعروف، وتنهاه عن المنكر، وإذا كان زوجها قاسقاً، صاحب خمور ومخدرات، فتجاهد زوجها حتى يترك الخمور والمخدرات، ويجوز لها طلب الطلاق طبعاً؛ لأن هذه العيشة لا يصبر عليها، فالزوج الفاسق الذي يسافر إلى الخارج يزني ويتباهى بالصور أمام أصحابه، وربما تواقح وقال لها بعضاً ما يفعل ليؤذيها، هي تجاهد في الله وتدعوه إلى الله وتنصحه وترغبه وترهبه، فإذا كان كافراً بالله يستهزئ بالدين وبالحجاب وبالصلاة ويترك الصلاة بالكلية وهو يعلم حكمها ما هو الحل؟ فارقته ولا تقعد عنده لحظة، فالمسألة الآن مفاصلة وتبري من الزوج الكافر.