[أهمية الحنان للطفل]
من الأشياء المفقودة -أيها الإخوة والأخوات- في علاقة الآباء والأمهات في الأولاد قضية العاطفة، العاطفة مفقودة لا يوجد الحنان الكافي، الولد مع الخادمة، الولد يسكت على يد الخادمة، ولا يسكت إذا حضنته أمه، من كثرة الإهمال وترك الأم للأولاد، والأب كذلك مشغول وحتى لو جاء يمكن أن يقتصر كلامه على الزجر والتهديد والوعيد.
هناك أبيات لطيفة قالها أحد الشعراء المسلمين يعبر فيها عن هذه العاطفة لما ودع أسرته وأولاده؛ سافروا في الصيف وبقي هو في البيت ورجع بعد وداعهم، يقول الشاعر رحمه الله:
أين الضجيج العذب والشغبُ أين التدارس شابه اللعبُ
أين الطفولة في توقدها أين الدمى في الأرض والكتبُ
أين التشاكصٌ دونما غرضٍ أين التشاكي ما له سببُ
أين التسابق في مجاورتي شغفاً إذا أكلوا وإن شربوا
يتزاحمون على مجالستي والقرب مني حيثما انقلبوا
فنشيدهم "بابا" إذا فرحوا ووعيدهم "بابا" إذا غضبوا
وهتافهم "بابا" إذا ابتعدوا ونجيهم "بابا" إذا اقتربوا
بالأمس كانوا ملء منزلنا واليوم ويح اليوم قد ذهبوا
إني أراهم أينما التفتت نفسي وقد سكنوا وقد وثبوا
في كل ركنٍ منهم أثرٌ وبكل زاوية لهم صخبُ
في النافذات زجاجها حطموا في الحائط المدهون قد ثقبوا
في الباب قد كسروا مزالجه وعليه قد رسموا وقد كتبوا
في الصحن فيه بعض ما أكلوا في علبة الحلوى التي نهبوا
في الشطر من تفاحة قضموا في فضلة الماء التي سكبوا
إني أراهم حيث ما اتجهت عيني كأسراب القطا سربوا
دمعي الذي كتمته جلداً لما تباكوا عندما ركبوا
حتى إذا ساروا وقد نزعوا من أضلعي قلباً بهم يجبُ
ألفيتني كالطفل عاطفة فإذا به كالغيث ينسكبُ
قد يعجب العذال من رجلٍ يبكي ولو لم أبك فالعجبُ
هيهات ما كل البكا خورٌ إني وبي عزم الرجال أبُ
القضية في الاهتمام بالأولاد، قضية النزهة إلى الأماكن الحلال المباحة، هذا يشتكي يقول: أبي لا يأخذنا إطلاقاً، لا إلى فسحة ولا إلى نزهة، أمي مرة سألته قالت له: إلى أين تذهب يا أبا فلان؟ قال: أنفه الغنم وأطلق أرجلها، الآن أطلق أرجل الغنم وهو إذا سأله ثم قال: سمعنا مرة -عنده بقر في مزرعة- أنه أتى بطبيب بيطري للبقر بأربعمائة ريال قال: ونحن نحيا ونموت ونمرض ونقوم، ولا يذهب بنا ولو مرة إلى المستشفى، يقول: دبروا أنفسكم!!