من الأشياء التي تصد: أن بعض الناس يحكمون عواطفهم ولا عقولهم، وأقصد بعقولهم المبنية على موازين الشرع، بعض الناس يفكرون بالعاطفة، قد يرى رجلاً يبكي وتدمع عيناه، وهو يعرض عليه، ويقول له: يا أخي! صدقني! أقسم بالله إنه كذا، فيتأثر عاطفياً، وبعض الناس يبكون عن جهل، وبعضهم يدعو إلى باطل وإلى بدعة ويبكي، وبعض الناس يبكون بدموع التماسيح ويتظاهرون أمام العالم أن ما يدعونهم إليه حق، ويتأثرون تأثراً نفاقياً، حتى يتأثر الناس بهم فيتبعونهم، والذي يحكم العواطف ولا يحكم ميزان الشرع سينتهي بانتهاء التأثر.
وقد يقال: هذا فلان ابتلي في الله وعذب في ذات الله، فكلامه إذاًَ صحيح، لأنه رجل ابتلي في الله، نقول: ومن قال: إن الابتلاء في الله والتعذيب في ذات الله هو مؤهل لأن يكون صاحبه هو صاحب الحق، فيمكن أن يعذب شخص في ذات الله ثم تخرج منه أخطاء، فمثل هذه الأشياء العاطفية التي تحمل بعض الناس على الاقتناع، هي في الحقيقة ليست على أساس صحيح.
وبعض الناس متردد في قول الحق، فقد كان يقول بشيء ثم تبين له أنه خطأ وأنه خلاف الحق، وكان قد علَّم الناس هذا الشيء ودعاهم إليه في شتى المجالس وقال به؛ والتراجع صعب جداً؛ لأن الناس سيقولون: إنه جاهل وسطحي، تظل عشرين سنة تعلمنا ذلك ثم تتراجع، أو إذا عرفوا أنه الحق، أو أنك طول الوقت ساكت اعتبروه من الذين يكتمون البينات، فيجد الشخص نفسه في ضائقة، يقول: الناس يقولون عني كذا، إذاً لا أتراجع، ولا أبين لهم حتى لا أفتضح بينهم، وهذه المسألة موجودة في كثير من طلبة العلم الذين ينقلون الأحكام، فتجد خطباء وأئمة مساجد يعلمون الطلاب أشياء خاطئة، فإذا تبين له الخطأ يقول: ماذا يقول عني الطلاب والمصلون والمستمعون إذا تراجعت؟ يقولون: أنا كنت جاهلاً طول الوقت الذي ذهب، فيصده ذلك عن تبيين الحق للناس.