كما أن إضلال الشيطان لقلوب العباد على أنواع ومراتب، فإن القلوب أنواع كذلك، بحسب أصحابها، فمن القلوب: القلب الأول: قلب أسود مرباد كالكوز مجخٍ، قلب أغلف وذلك هو قلب الكافر، لا يدخل إليه النور ولا ينتفع بشيء.
القلب الثاني: قلب منكوس فيه مرض، وهو قلب المنافق.
القلب الثالث: وقلب فيه من النور الإيماني الرحماني ومن شهوات الشيطان والشبهات خلط، فيمده ميزابان، ميزاب النور الإيماني، وميزاب الشهوات والشبهات الشيطانية، فهو لما غلب عليه منهما، فإن كان الأغلب عليه نور الرحمن؛ فإنه ينجو، وإن كان الأغلب عليه مداد الشيطان؛ فإنه يهلك.
القلب الرابع: قلب المخبتين، الذين تخبت قلوبهم لذكر الله وتلين جلودهم لربهم سبحانه وتعالى، وهذا قلب المؤمن الخالص.
وقلوبنا -أيها الإخوة- نحن الضعفاء قلوب فيها الخلط والأمور المختلفة، فيها ما يرضي الله وما لا يرضيه ولذلك فإن المسلم مطالب بتنقية قلبه، وهناك أشياء تُصلح القلب ذكرنا بعضها، ولا يتسع المجال لذكر أمرٍ آخر من الأمور التي تصلح القلب، كالاستطراد في ذكر الله مثلاً، فإنه مما يصلح القلب، والعبادات على تنوعها تُصلح القلب، وهكذا من أنواع الخوف والرجاء والمحبة، والمحاسبة، والمراقبة والطمأنينة، والحياء والمراتب الأخرى التي هي أخلاق القلوب وسنذكر في هذا الليلة بعضاً من المفسدات؛ لأن اجتناب المفسدات من أعظم وسائل إصلاح القلوب، فإن المسألة جلب مصالح ودرء مفاسد.