إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثةٍ بدعة، وكل بدعةٍ ضلالة، وكل ضلالةٍ في النار.
أيها الإخوة: هناك ظاهرةٌ منتشرةٌ بين الناس تحتاج إلى تفكير لمعرفة أسبابها وعلاجها، وهذه الظاهرة هي ظاهرة النفور من سماع مواعظ النار والموت، فإن الناس إذا جئت تخبرهم عن هذه الأمور، وجدتهم يصدون عنك صدوداً، ورأيتهم يحبون الكلام عن رحمة الله تعالى، ولا يحبون الكلام عن عذاب الله تعالى وجدتهم يحبون الكلام عن الجنة، ولكنهم لا يرغبون في الكلام -مطلقاً- عن النار وجدتهم يحبون الكلام عن ثواب الطاعات، ولكنهم لا يحبون الكلام مطلقاً عن عذاب القبر وأهواله، ولا شك بأن النصف الأول من هذه الظاهرة طيبٌ وحسنٌ، ولكن المشكلة في النصف الثاني من هذه القضية.
لماذا يصد الناس عن سماع المواعظ، وعن التذكرة بالخوف، وعذاب القبر، وعذاب جهنم، وأهوال المحشر والنشور؟ إنهم يصدون عن ذلك لأسباب منها: