للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فن التفسير وبعض آرائه]

من الفنون التي برز فيها رحمه الله: فن التفسير، ولذلك نقل عنه المفسرون في تفاسيرهم كثيراً من الأقوال في آيات عديدة من كتاب الله تعالى.

١/ فمما ذكره -رحمه الله- في قوله عز وجل: {وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ} [البقرة:١٢٤] [إي والله! ابتلاه بأمر فصبر عليه؛ ابتلاه بالكوكب، والشمس، والقمر، فأحسن في ذلك، وعرف أن ربه دائمٌ لا يزول، فوجَّه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً وما كان من المشركين، ثم ابتلاه بالهجرة فخرج من بلاده وقومه حتى لحق بـ الشام مهاجراً إلى الله، ثم ابتلاه بالنار قبل الهجرة، فصبر على ذلك، فابتلاه الله بذبح ابنه وبالختان فصبر على ذلك].

وذكر المفسرون -رحمهم الله- أيضاً: أن مما ابتلاه الله سبحانه وتعالى به: سنن الفطرة؛ خمس في الرأس، وخمس في الجسد (فأتمهن).

٢ - ومما ذكره رحمه الله في قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ} [آل عمران:١٥٢] في سورة آل عمران، في قصة غزوة أحد، قال وقد ضرب بيديه: وكيف عفا عنهم وقد قُتِل منهم سبعون، وقُتِل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكُسِرت رباعيته، وشُجَّ وجهه؟ ثم يقول: قال الله عز وجل: قد عفوتُ عنكم إذ عصيتموني، ألا أكون استأصلتكم -فبيَّن أن عفو الله تعالى عنهم، أنه لم يستأصلهم، مع عظم المصائب التي نزلت بهم- ثم يقول: هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الله، غضابٌ لله، يقاتلون أعداء الله، نُهُوا عن شيء فصنعوه، فوالله ما تركوا حتى غموا بهذا الغم- وهو قتل سبعين منهم، وما حصل للنبي عليه الصلاة والسلام من الجراحات- وما أشيع من قتله، قال الحسن رحمه الله: فأفسق الفاسقين اليوم يتجرأ على كل كبيرة، ويركب كل داهية، ويسحب عليها ثيابه، ويزعم ألا بأس عليه، فسوف يعلم!! ومعنى قوله: إن هؤلاء الصحابة أكرم خلق الله، وصحبوا نبي الله، خرجوا للجهاد في سبيل الله، قاتلوا أعداء الله؛ لأن بعضهم ارتكب عصياناً، لما ترك الرماة الجبل ونزلوا؛ ابتلاهم الله بهذا الشيء، وهذا الغم العظيم في قتل سبعين منهم، واليوم أفسق الفاسقين يتجرأ على كل كبيرة، ويظن أنه لا بأس عليه، فكأنه يقول: خافوا الله! هؤلاء الصحابة على عِظَمِهِم هكذا ابتلاهم الله أو غمهم بهذا الغم، فكيف بالفسقة! ٣ - وكذلك مما نُقِل عنه -رحمه الله تعالى- في التفسير، في ذكر آيات من كتاب الله عز وجل أشياء كثيرة جداً أوردها المفسرون، حتى أنه لا تخلو سورة من سور القرآن في التفسير إلا وتجد للحسن رحمه الله تعالى فيها قولاً أو أقوالاً، وهذا يدل على ضلوعه رحمه الله في التفسير، وكان ينتهز الفرصة ليذكر من خلال تفسيره بعض الآيات بعض العظات التي يرسلها.