ثم من الثغرات الموجودة في بيوت بعض الدعاة إلى الله عز وجل: التوسع في المباحات توسعاً ملهياً، بل هو من مداخل الشيطان، فإن الشيطان يشغل الإنسان بالمباح عن الطاعة والعبادة؛ تجديد الأثاث، التزويق في البيت، الصف في الأسواق فترات طويلة ليشتري هذه وهذه، هذا يزعم أنه داعية إلى الله وأنه طالب علم و، أو ربما تكون زوجته كذلك، ثم يكون اللف والدوران في الأسواق على النجف والمزهريات والسجاد العجمي، فأين التقشف وأين ما ينبغي أن يكون عليه من الزهد في بيته؟ تجد فيه الزخارف بأنواعها، والنبي عليه الصلاة والسلام حذر من البيت المزوق، وبعض الصحابة رضوان الله تعالى عليهم رجع من البيت الذي كسي جداره من أجل ما فيه؛ فإنه قد جاء عن سهل بن عبد الله بن عمر: أعرست في عهد أبي، فآذن أبي الناس فكان أبو أيوب فيمن آذن، وقد ستروا بيتي بنجادٍ أخضر، فأقبل أبو أيوب فاطلع فرآه فقال: يا عبد الله: تسترون الجدر، فقال أبي واستحيا: غلبنا النساء يا أبا أيوب فقال: من خشيت أن تغلبه النساء يعني: ما أتوقع أن يغلبنك، فرجع ولم يدخل.
فإذن يوجد هناك توسع في المباحات وكثير منه يكون بسبب مجاراة الآخرين، يدخل بيوت الناس يرى فيها تزويقاً فيريد أن يجعل ذلك في بيته، وعند فلان مزخرفات يريد أن يجعل ذلك في بيته، وزوجته تدخل بيوت نساء وتجد عندهن نجفاً وتحفاً فتطلب مثل ذلك في بيتها وهو يستجيب، إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحارب ذلك حتى في بيوته، وفي بيت فاطمة بنته؛ أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يدخل عليها، وجاء عليٌ فذكرت له ذلك، فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم وقال: لماذا لم تدخل إلى بيتنا يا رسول الله؟ قال:(إني رأيت على بابها ستراً موشياً؛ ثم قال: مالي وللدنيا! فأتاها عليٌ فذكر لها ذلك، فقالت: يأمرني فيه بما شاء قال: ترسل به إلى فلان أهل بيتٍ بهم حاجة) فقد لا يكون محرماً ولو كان محرماً لما جاز أن تعطيه إلى غيرها، لكنه عليه الصلاة والسلام لا يرضى بهذه الأشياء لأهله، وكان بيته صلى الله عليه وسلم متواضعاً، كما قال عمر رضي الله عنه: رفعت بصري في بيته، فوالله ما رأيت فيه شيئاً يرد البصر غير أهب ثلاثة، الإهاب: هو الجلد قبل الدبغ فقلت: ادع الله فليوسع على أمتك، فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله، وكان متكئاً فقال:(أو في شكٍ أنت يا بن الخطاب! أولئك قومٌ عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا) فقلت: يا رسول الله! استغفر لي الحديث، وكذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان على سرير مرمل يضطجع عليه حتى يؤثر في جنبه.