ومن هذا الباب فإن بيع الدم الذي قال أهل العلم وجمهور العلماء بنجاسته يحرم بيعه، لكن في حالة الضرورة ماذا نفعل؟ هناك فتوى للجنة الدائمة بأن الدم أصلاً نجس، فلا يجوز التداوي به إلا إذا خشي على نفسه الهلاك فيجوز، مثل الميتة، كأن تكون في صحراء وانقطعت وأوشكت على الهلاك وكدت أن تموت، فوجدت ميتة، ما حكم الميتة؟ حرام، ما حكم الأكل منها؟ حرام، لكن للضرورة، يجوز لك أن تأكل ما يبقي على حياتك، ويسد رمقك.
وكذلك هنا: الأصل أن الدم نجس، وأنه لا يجوز التداوي به، لكن لو خشينا عليه الموت فيجوز عند ذلك، وفي الفتوى المذكورة، بل ربما يجب التداوي به إبقاءً على حياة الشخص، وأما أخذ العوض على الدم فلا يجوز؛ لأن الله إذا حرَّم شيئاً حرم ثمنه، فإن تعذر حصوله على الدم بلا عوض جاز له أن يشتري ويدفع الثمن للضرورة، لكن الذي يبيع الدم هو الذي يأثم ولا يجوز له أن يأخذ الثمن، فالمشتري للضرورة يجوز له أن يشتري، ولكن الذي يبيع حرامٌ عليه أن يأخذ الثمن، وكذلك فلو أن إنساناً يذهب للتبرع بالدم لأجل المال فلا يجوز، ولكن يتبرع لله ولإنقاذ حياة إخواننا المسلمين هذا الأصل، ولا نكون ممن يبيع جزءاً من جسده، وهذا فيه مشابهة لطبائع اليهود، يبيعون أجزاءً من أجسادهم بمال يأخذونه.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يفقهنا وإياكم في ديننا، وأن يعلمنا ما جهلنا، وأن يجعلنا ممن يحل حلاله ويحرم حرامه.