سوف نتكلم في هذا الدرس عن موضوع النكوص الذي ينزل الإنسان من دائرة التقوى إلى دائرة الفسق، والانحراف الذي يجعله يرتكب بعض المحرمات أو يترك بعض الواجبات.
الآن الذي يدقق في الواقع يرى أن هناك بعض الأشخاص قد هداهم الله سبحانه وتعالى في فترة من الفترات وزمن من الأزمان، وبعد فترة من الزمن تغيرت أحوالهم، شخص كان مستقيماً ملتزماً بشرع الله، ثم تفاجئ بعد فترة من الزمن وقد تغير شكله، وترك المظهر الإسلامي، ووقع في بعض المحرمات، وهو تارك الآن لبعض الطاعات، تغيرت أحواله هذه الحالة موجودة، لكن هل أصبحت ظاهرة؟ هل هي منتشرة جداً بحيث أنك ترى يومياً أشخاصاً كثيرين جداً ينتقلون من معسكر الهداية إلى معسكر الفسق؟ نسأل الله ألا تكون الأحوال بهذه الصورة.
وهناك أشياء تطمئن، وهي: أن الذين استقاموا على الدين أكثر من الذين نكصوا عنه، والذين دخلوا فيه أكثر من الذين خرجوا عنه، وهذه والحمد لله نعمة، وأنت ترى الآن أن الذين يدخلون في الدين أكثر من الذين يخرجون منه، وأن الذين يدخلون ويسلكون سبيل الاستقامة والالتزام أكثر من الذين ينحرفون، ولكن هذه المشكلة موجودة وهي من مشاكل الصحوة الإسلامية في هذا العصر.
وبالطبع فإن هذه الحالة -حالة النكوص والانتكاس- ناتجة عن اتساع رقعة الصحوة الإسلامية، وهذا الاتساع هو الذي يقلل التركيز ويجعل مجالات هذه الصحوة تتعدد والجهود تتوزع في تلك المجالات، فلا بد أن يخف الاهتمام تبعاً لذلك على الداخلين في طريق الاستقامة، وطاقات الدعاة مهما كانت محدودة، فمع ازدياد القادمين إلى طريق الاستقامة لا تعود طاقات الدعاة تستوعب هذا الكم الكبير الذي يتجه إلى الدين، ومن هنا فلا بد أن نتوقع حصول حالات الردة أو الضعف الذي يوصل الإنسان إلى الانحراف، ونتوقع أيضاً اتجاهات غير مرضية في المنهج العلمي أو منهج التحرك في هذا الدين؛ نتيجة عدم وجود التوجيه الكافي.
ولا بد أن نذكر قبل عرض الموضوع أننا سنتكلم عن أسبابه، ومع بعض الأسباب سنذكر العلاج، وهناك علاجات منفصلة سنذكرها في النهاية، وسنمر كذلك بحالة هذا المنتكس نفسياً: كيف يشعر؟ ما هي الأشياء التي تغيرت فيه؟ كيف بدأ يتغير؟ وإلى أين ينتهي حاله؟ وكيف يعود إذا كتب الله له أن يعود؟