قال صلى الله عليه وسلم في الحديث:(فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ومن كان يعبد القمر القمر) الذي كان يعبد القمر يتبع القمر، والذي كان يعبد الشمس يتبع الشمس؛ هؤلاء عباد الكواكب يتبعون معبوداتهم إلى النار جاء في حديث ابن مسعود:(ثم ينادي منادٍ من السماء: أيها الناس! أليس عدل من ربكم الذي خلقكم وصوركم ورزقكم ثم توليتم غيره أن يولي كل عبد منكم ما كان تولاه؟ فيقولون: بلى! ثم يقول: لتنطلق كل أمة لمن كانت تعبد) وفي رواية: (ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد) وجاء في الحديث الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال: (فيلقى العبد -الله عز وجل يلقى العبد يوم القيامة- فيقول: ألم أكرمك وأزوجك وأسخر لك؟ فيقول: بلى! فيقول الله عز وجل: أظننت أنك ملاقيَّ؟ فيقول: لا.
فيقول: إني أنساك كما نسيتني، ويلقى الثالث فيقول: آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت، فيقول: ألا نبعث عليك شاهداً؟ فيختم على فيه وتنطق جوارحه) من هذا من الأصناف؟ هذا هو المنافق:(وذلك المنافق، ثم يناي منادٍ: ألا لتتبع كل أمة ما كانت تعبد، ومن كان يعبد الطواغيت يتبع الطواغيت).
والطاغوت: هو كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع.
إذاًَ: الطاغوت قد يكون جماداً وقد يكون إنساناً، كل ما تجاوز به العبد حده من معبود أو متبوع أو مطاع يكون طاغوتاً إذا كان راضياً، إذا كان ممن يعقل ورضي، يدخل في الطواغيت معبود أو متبوع تصرف له عبادة، أو يتبع على ضلالة في تحليل حرام أو تحريم حلال، فكل ما عبد من دون الله وهو راض فهو طاغوت، ولا يصح أبداً أن نقصر العبادة على السجود؛ فنقول: العبادة هي السجود لصنم أو شخص أو ما شابه ذلك، بل إن العبادة -أيها الإخوة- مفهومها واسع، ولذلك كل من أطاع شخصاً في تحليل حرام أو تحريم حلال فقد عبده.
كذلك فسر النبي صلى الله عليه وسلم الآية لـ عدي بن حاتم وقال:(فتلك عبادتكم إياهم) هؤلاء الذين اتبعوه في تحريم الحلال وتحليل الحرام، هؤلاء الذين اتبعوه في الحكم بغير ما أنزل الله، هؤلاء الطواغيت كل من اتبعهم فهو معهم في نار جهنم وسيحشر معهم، ولذلك كما قال في الحديث:(فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم) والحديث الذي معنا قال فيه: (ومن كان يعبد الطواغيت يتبعهم) فهذا فيه إشارة إلى مبدأ المعاملة بالمثل؛ كما اتبعه في الدنيا يتبعه في الآخرة.
وما حال من عبد من دون الله وهو غير راضٍ كالملائكة وعيسى عليه السلام؟ فقد عبد بعض الناس الملائكة، كما عبدت النصارى عيسى، هؤلاء لا يكونون معهم في النار؛ لأنهم لم يرضوا بهذه العبادة، وجاء في رواية:(فيتمثل لصاحب الصليب صليبه ولصاحب التصاوير تصاويره) هذه الأصنام والأوثان المعبودة، وهذا التمثيل لكي يزدادوا عذاباً، عندما يرى الشخص أن الشيء الذي كان يقدسه في الدنيا ويوقره ويعبده ويبذل له كل شيء، قد صار معه من حطب جهنم، هذا تذكير وتحزين وتعذيب وخذلان؛ لأنه هو ومن عبده في النار.