إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فقد تكلمنا أيها الإخوة! في الدرس الماضي عن مظاهر أو أعراض ضعف الإيمان وأسبابها، ووعدنا أن نتكلم في هذا الدرس عن علاج ضعف الإيمان، ونحن إن شاء الله نشرع في الكلام عن هذا الموضوع في هذا الدرس بعنوان" كيف نجدد الإيمان في قلوبنا؟ " يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: (إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب) أي: إن الإيمان يبلى في القلب مثلما يبلى الثوب إذا اهترى وأصبح قديماً.
أيها الإخوة: قد تعتري هذا القلب في بعض الأحيان سحابات من سحب المعصية، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح في هذه الحالة:(ما من القلوب قلبٌ إلا وله سحابةٌ كسحابة القمر، بينما القمر يضيء إذ علته سحابةٌ، فأظلم إذ تجلت) حديث حسن في صحيح الجامع.
أحياناً تأتي سحابة فتغطي ضوء القمر برهة من الزمن، ثم تزول السحابة وتنقشع، فيرجع ضوء القمر مرة أخرى؛ ليضيء في السماء، وكذلك قلب المؤمن تعتريه أحياناً سحبٌ مظلمةٌ من المعصية فتحجب نوره، فيبقى الإنسان في ظلمة، فإذا جدد الإيمان، واستعان بالله عز وجل، انقشعت تلك السحب، وعاد نور قلبه يُضيء كما كان.
والإنسان إيمانه في ارتفاع وهبوط، كما هي عقيدة أهل السنة والجماعة، فالإيمان يزيد وينقص، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والواحد منا الآن في أحواله العادية إذا خرج يمشي في السوق ويُبصر زينة الدنيا، ثم دخل إلى المقابر، فتفكر ورق قلبه، فإنه يُحس بين الحالتين فرقاً بيناً، فإن القلب يتغير بسرعة.
والكلام في قضية ضعف الإيمان وفي علاج ضعف الإيمان وهو من شقين: الشق الأول: الكلام في علاج ضعف الإيمان من جهة الفرد المسلم.
الشق الثاني: الكلام في علاج ضعف الإيمان من جهة الوسط الذي يعيش فيه الفرد المسلم، فهناك علاجات فردية وعلاجات جماعية، هناك علاجات تتجه إلى الفرد نفسه، وهناك علاجات تتجه إلى الوسط والمجتمع الذي يعيش فيه الفرد حتى يعالج ضعف الإيمان.
ونحن سنبدأ الكلام إن شاء الله عن القضايا التي تهم الفرد في نفسه، ثم نتبع ذلك بالكلام عن بعض القضايا المنهجية في كيفية علاج ضعف الإيمان من جهة الوسط الذي يعيش فيه المسلم.