رابعاً: من وسائل تغيير الأخلاق واستبدالها بأخلاق حسنة: التدرج.
فالناس يختلفون في مدى استعدادهم للتغيير، الناس عندهم استعداد للتغيير، لكن أين لب الموضوع؟ النسبة في التغير، فلان يمكن أن يتغير بسرعة، وفلان يمكن أن يتغير ببطء، وهذا أمر ملاحظ في التربية، فهناك أناس يرتقون بسرعة وأناس يرتقون ببطءٍ شديد، والإنسان حتى لا يصاب باليأس لا يقال له: أنت اليوم جبان، غداً نريدك شجاعاً وإلا فأنت فاشل في تربية نفسك، لا.
هذه سجايا، إذا أردت أن تغير بين عشية وضحاها فأنت تصادم طبيعة النفس، أنت تصادم قضاء الله في الناس، والله عز وجل من حكمته في خلقه أنه جعل تغيرهم في الأخلاق ليس سريعاً.
فإذا أردت التغيير بين عشية وضحاها فأنت تصادم الأمور الطبيعية وستفشل، وهذا لا يعني أنه إذا كان عندك استعداد للتغير السريع ألا تتغير، تغير بسرعة، لكن التدرج في هذه الأمور يختلف الناس فيه سرعة وبطئاً، قال الشاعر:
ومكلف الأشياء فوق طباعها متطلب في الماء جذوة نار
هل تجد في الماء شعلة نار؟ لا تجد، فعكس طبائع الأشياء، لا يمكن.
ولذلك نقول: هذه الفقرة ترك المثاليات، لأن بعض الناس الذين يريدون تغيير الأشياء السيئة قد يكون عنده مثالية في النظرة فيفشلون، ولذلك نحن نطمح للشيء المثالي، ولو لم نصل إليه بسرعة.